نزول القرآن الكريم والعناية به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
الإسلامية الصحيحة، فقد بُعث النبي ﷺ إليهم وهم يعبدون الأصنام، ويشركون بالله ومع الله، ويسفكون الدماء ويشربون الخمر ويزنون، ويقتلون الأولاد خشية الفقر، ويتعاملون بالربا الفاحش، ويلعبون الميسر، ويستقسمون بالأزلام، وينكحون نساء الآباء ويجمعون بين الأختين ويكرهون الفتيات على البغاء، وذكر العلماء في كتب التاريخ أن الحروب كانت تقع بين القبائل العربية لأوهى الأسباب ومجرد حب الانتقام، حتى أدى هذا إلى قطع حبال المودة بينهم وجعلهم شيعًا متباغضة يتربص كل فريق منهم بغيره الدوائر، واعتادوا على كثير من هذه الأخلاق المنحطة وتغلغلت فيهم حتى صارت جزءًا لا يتجزأ منهم ومن المعلوم أنه يصعب على المرء والمجتمع ترك هذه الأمور مرة واحدة لأن للعقائد حتى ولو كانت باطلة وللعادات ولو كانت مستهجنة سلطانًا على النفوس، والناس أَسْرى ما أَلفوا ونشأوا عليه، فلو أن القرآن نزل جملة واحدة وطالبهم بالتخلى عما هم منغمسون فيه من كفر وجهل وشرك مرة واحدة لما استجاب إليه أحد ولكن القرآن نجح معهم في هدم العادات الباطلة وانتزاعها بالتدريج بسبب نزول القرآن عليهم شيئًا فشيئًا ١.
وأبلغ دليل على ذلك هو انتزاع الخمر من ذلك المجتمع الذي كان يشربه كالماء، فعن أبي هريرة ﵁ قال: حرمت الخمر ثلاث مرات، قدم رسول الله ﷺ المدينة وهم يشربون الخمر ويلعبون الميسر، فسألوا رسول الله عنهما فأنزل الله ﷿ على نبيه ﷺ
_________
١ انظر مناهل العرفان ١/٥٦، المدخل لدراسة القرآن الكريم ٧٢.
1 / 22