نزول القرآن الكريم والعناية به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
بل إن المشركين تمادَوا في غيهم وأسئلتهم للرسول ﷺ فكانوا يسألون الرسول ﷺ أسئلة تعجيز وتحد ومبالغة مثل متى الساعة ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ﴾ فينزل الجواب من الله تعالى ﴿قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً﴾ (الأعراف:١٨٧) ومثل ما المراد بالروح ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾، فيقول القرآن: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ (الإسراء:٨٥) رد الله عليهم بقوله: ﴿وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ (الفرقان:٣٣)، وحيث عجبوا من نزول القرآن منجمًا بين الله لهم الحق في ذلك، فإن تحديهم به مفرقًا مع عجزهم عن الإتيان بمثله أدخل في الإعجاز، وأبلغ في الحجة من أن ينزل جملة ويقال لهم: جيئوا بمثله، ولهذا جاءت الآية عقب اعتراضهم ﴿لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ (الفرقان:٣٢) أي لا يأتونك بصفة عجيبة يطلبونها كنزول القرآن جملة إلا أعطيناك من الأحوال ما يحق لك في حكمتنا وبما هو أبين معنى في إعجازهم وذلك بنزوله مفرقًا١.
ثامنًا: التدرج في التشريع ويدخل تحت هذا أمور منها:
التدرج في انتزاع العادات الضارة، وذلك بالتخلى عنها شيئًا فشيئًا والتدرج في نقل الناس من حياة الفوضى والتفلت إلى حياة النظام والتقييد بالمعايير
_________
١ انظر مباحث في علوم القرآن ٩٤.
1 / 21