إصلاح الفقيه فصول في الإصلاح الفقهي
الناشر
مركز نماء للبحوث والدراسات
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
٢٠١٣
تصانيف
وكان الفقهاء يدركون هذه المكانة ويعرفون قدرهم ومكانتهم لدى العامة ولا يسمحون للسلاطين بالمزايدة عليهم فيها من خلال إغرائهم بالمناصب الرسمية أو تهديدهم بفقدها.
يذكر ابن حزم (ت ٤٥٦ هـ) أن الحاجب المنصور (ت ٣٩٢ هـ) أراد أن يتسمى بالخلافة فاعترض عليه القاضي ابن زرب (ت ٣٨١ هـ) فغضب المنصور، فلما قام القاضي للخروج وسلم عليه، قال: اخرجوا بين يدي الفقيه-يشير إلى عزله عن القضاء-فقال ابن زرب: (لا بأس هذا ما لا تقدرون على عزلنا عنه) (^١).
وبسبب هذه السلطة والمكانة التي وجدت جذورها المستقلة في المجتمع من خلال الجوامع والمدارس والأوقاف وغيرها من مؤسسات المجتمع المستقلة، فقد كان السلاطين يحاولون التأثير على هذه المكانة بوسائل مختلفة، ومنها ما يأتي (^٢):
١ - استقطاب الفقهاء واستمالتهم بالمناصب الرسمية أو الهبات والأعطيات.
٢ - محاولة تقييد وظائف الفقهاء وتحديد أدوارهم والإشراف عليها وردها إلى المساحة التي يتيحها السلطان لهم.
ومن المهم التنبه إلى أن الفقهاء وإن تكلموا عن تقنين القضاء والإشراف على الفتوى، إلا أن من الضروري عند تحقيق
(^١) رسالة نقط العروس ضمن رسائل ابن حزم (٢/ ٨٧)، وانظر: فقهاء الأندلس والمشروع العامري، فوزي العتيبي (٢٠٤). (^٢) انظر: الفقهاء والخلفاء، د. سلطان بن حثلين (١٥٤).
1 / 118