إصلاح الفقيه فصول في الإصلاح الفقهي
الناشر
مركز نماء للبحوث والدراسات
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
٢٠١٣
تصانيف
والخطط الشرعية، وهو محتاج إليهم كذلك لأنهم من يمنحه المشروعية التي هو بأمس الحاجة إليها في مجتمع مسلم. وبذا كانت العلاقة بين الفقيه والسلطان تتأرجح بين هذين المحددين، سواء من طرف الفقيه أو من طرف السلطان، وكانت طبيعة الموازنة بينهما تؤثر في طبيعة الدولة ذاتها.
وكانت سلطة الفقهاء وتأثيرهم في العامة أمرًا ظاهرًا وملحوظًا للسلطان نفسه، وكان يتفهمهما تارة ويضيق بها ذرعًا تاراتٍ أخرى، مما حدا بعض المعاصرين أن يصف الفقهاء بأنهم: (ممثلو الشعب أو سلطة الشعب) (^١)، وبسبب وجاهة الفقيه ومكانته في الناس فإن الحصول على رضاه كان مقدمة للحصول على رضا الناس (^٢)، وربما (انتهى السلطان والعامة إلى رأيه) (^٣).
ويحكي لنا القاضي عياض (ت ٥٤٤ هـ) في ترجمة الفقيه المالكي أبي إبراهيم إسحاق بن إبراهيم بن مسرة التجيبي (ت ٣٥٢ هـ) أن خبر وفاته أتى الحكم المستنصر وقد فتح له حصن من الحصون في الأندلس فقال: (لا أدري بأي الفرحتين أُسرُّ، بأخذ الحصن أو بموت إسحاق)، ثم عقَّب القاضي عياض بقوله: (لخوفه منه وطوع العامة له) (^٤).
(^١) انظر: مالك تجارب حياة، أمين الخولي (٢٨٤). (^٢) انظر: دور فقهاء الأندلس في الحياة السياسية والاجتماعية بالأندلس في عصري الإمارة والخلافة، د. خليل الكبيسي (٩١). (^٣) قالها ابن عبد البر في يحيى بن يحيى الليثي. انظر: الانتقاء (١٠٦). (^٤) ترتيب المدارك (٦/ ١٣٤).
1 / 117