27

تأملات في مماثلة المؤمن للنخلة

الناشر

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

رقم الإصدار

السنة التاسعة والعشرون. العدد السابع بعد المائة. (١٤١٨/١٤١٩هـ)

تصانيف

أنَّ مذهبنا أنَّ النبيَّ ﷺ لم يتكلّم قطّ إلاّ بفائدة، ولا من سننه شيءٌ لا يُعلم معناه، فجعلتُ أعُدُّ الطاعات مِن الإيمان، فإذا هي تزيد على هذا العدد شيئًا كثيرًا، فرجعتُ إلى السنن، فعددتُ كلَّ طاعةٍ عدَّها رسول الله ﷺ من الإيمان، فإذا هي تنقُصُ من البضع والسبعين، فرجعتُ إلى ما بين الدّفتين من كلام ربِّنا، وتلوتُه آيةً آيةً بالتدبّر، وعددتُ كلَّ طاعةٍ عدَّها الله جلّ وعلا من الإيمان، فإذا هي تنقص عن البضع والسبعين، فضممتُ الكتاب إلى السنن، وأسقطتُ المُعادَ منها، فإذا كلّ شيء عدّه الله جلَّ وعلا من الإيمان في كتابه، وكلُّ طاعة جعلها رسول الله ﷺ من الإيمان في سننه تسعٌ وسبعون شعبةً لا يزيد عليها ولا ينقُص منها شيء، فعلمتُ أنَّ مراد النبي ﷺ كان في الخبر أنَّ الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة في الكتاب والسنن، فذكرتُ هذه المسألة بكمالها بذكر شعبه في كتاب (وصف الإيمان وشعبه) بما أرجو أنَّ فيها الغُنْية للمتأمّل إذا تأمّلها، فأغنى ذلك عن تكرارها في هذا الكتاب"١. وهي طريقةٌ مجهدةٌ ولا شك، ومما يؤسف حقًاّ أنَّ كتابه (وصف الإيمان وشعبه) الذي أودعه جهده هذا مفقودٌ لا يُعرف له وجود الآن، بل أشار الحافظ ابن حجر في الفتح إلى أنّه لم يقف عليه. وقد قام الحافظ ﵀ بتلخيص شعب الإيمان من خلال ما جمعه غيرُ واحد من أهل العلم فخرج بملخّص عظيم النفع لشُعب الإيمان، فقال ﵀: "وقد لخّصتُ ممّا أوردوه ما أذكره، وهو أنَّ هذه الشُعب تتفرّع عن أعمال القلب، وأعمال اللسان، وأعمال البدن. فأعمال القلب فيه المعتقدات والنيات، وتشتمل على أربع وعشرين خصلة: الإيمان بالله، ويدخل فيه: الإيمان بذاته وصفاته وتوحيده بأنَّه ليس كمثله شيء،

١ الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان لابن بلبان (١/٣٨٧،٣٨٨) .

1 / 223