تأملات في مماثلة المؤمن للنخلة
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة التاسعة والعشرون. العدد السابع بعد المائة. (١٤١٨/١٤١٩هـ)
تصانيف
"من يكفينيهم" قال طلحةُ: أنا، قال: فكانوا عند طلحة فبعث النبي ﷺ بعثًا فخرج فيه أحدُهم فاستشهدَ، قال: ثم بَعَثَ بعثًا آخر، فخرج فيهم آخر فاستشهد، قال: ثم مات الثالثُ على فراشه، قال طلحة: فرأيت هؤلاء الثلاثة الذين كانوا عندي في الجنة، فرأيت الميت على فراشه أمامهم، ورأيت الذي استُشهد أخيرًا يليه، ورأيت الذي استُشهد أوَّلَهم آخرَهم، قال: فدخلني من ذلك، قال: فأتيت النبي ﷺ فذكرت ذلك له، قال: فقال رسول الله ﷺ: "ما أنكرتَ من ذلك، ليس أحدٌ أفضل عند الله من مؤمن يُعمّرُ في الإسلام يَكثُر تكبيرُه وتسبيحُه وتهليلُه وتحميدُه" ١.
رابع عشر: أنَّ قلبَ النخلة - وهو الجُمّار - من أطيب القلوب وأحلاها، وقد مرّ معنا في بعض طرق حديث ابن عمر المتقدّم: "أنَّ النبي ﷺ أُتي بجُمَّار وشرع في أكله ثم قال: "إنَّ من الشجر شجرة مثلها كمثل المسلم".
وجُمّار النخلة حلو الطعم جميل المذاق، وهو من أطيب القلوب وأحسنها، وكذلك قلب المؤمن من أطيب القلوب وأحسنها، لا يحمل إلاّ الخير ولا يبطن سوى الاستقامة والصلاح والسلامة.
خامس عشر: أنَّ النخلة لا يتعطّل نفعها بالكليّة أبدًا، بل إن تعطلت منها منفعة ففيها منافع أخر، حتى لو تعطّلت ثمارها سنة لكان للناس في سعفها وخوصها وليفها وكربها منافع وآراب، وهكذا المؤمن لا يخلو عن شيء من خصال الخير قط، بل إن أجدب منه جانب من الخير أخصب منه جانبٌ، فلا يزال خيرُه مأمولًا وشرُّه مأمونًا، روى الترمذي عن النبي ﷺ أنَّه قال: "خيركم
١ المسند (١/١٦٣)، والسنن الكبرى للنسائي كتاب: عمل اليوم والليلة (رقم:١٠٦٧٤)، وحسنه الألباني في الصحيحة (رقم:٦٥٤) .
1 / 218