روضة المحبين ونزهة المشتاقين

ابن القيم الجوزية ت. 751 هجري
145

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

محقق

محمد عزير شمس

الناشر

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤٤٠ هجري

مكان النشر

الرياض وبيروت

تصانيف

التصوف
محمَّد بن داود (^١) عن بعض أهلِ الفلسفة أن الأرواح أُكَرٌ (^٢) مقسومةٌ، لكن على سبيل مناسبةِ قواها في مَقَرِّ عالَمها العُلويِّ، ومجاورتها في هيئة تركيبها. وقد علمنا أن سرَّ (^٣) التمازج والتباين في المخلوقات إنَّما هو الاتصال والانفصال، فالشكلُ دائمًا (^٤) يستدعي شكلَه، والمثلُ إلى مثله ساكنٌ. وللمجانسة [٢٩ ب] عملٌ محسوس، وتأْثيرٌ مشاهد. والتنافُرُ في الأضداد، والموافقةُ في الأنداد، والنِّزاعُ فيما تشابَه موجود بيننا، فكيف بالنفس وعالَمُها العالمُ الصَّافي الخفيف، وجوهرُها الجوهرُ الصَّعَّاد المعتدلُ، وسِنْخُها المُهَيَّأُ لقَبول الاتفاق والميل والتَّوْق، والانحراف والشهوة والنِّفار؟ والله تعالى يقول: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾ [الأعراف/ ١٨٩]، فجعل عِلَّةَ السكُون أنَّها منه، ولو كان عِلَّةَ الحبِّ حسنُ الصورة الجسدية لوجبَ ألا يُسْتَحْسَنَ الأنقصُ (^٥) من الصُّور، ونحن نجد كثيرًا ممن يُؤْثِرُ الأدنى ويعلمُ فضل غيره، ولا يجدُ محيدًا لقلبه عنه، ولو كان للموافقة في الأخلاق لما

(^١) انظر: «الزهرة» (١/ ٥٣). (^٢) «أكر» ساقطة من ت. (^٣) ت: «شر» تصحيف. (^٤) ش: «إنما». وفي «طوق الحمامة»: «دأبا». (^٥) ش: «إلا بعض» تحريف.

1 / 118