روضة المحبين ونزهة المشتاقين

ابن القيم الجوزية ت. 751 هجري
144

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

محقق

محمد عزير شمس

الناشر

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤٤٠ هجري

مكان النشر

الرياض وبيروت

تصانيف

التصوف
مَرِضَ الْحَبيبُ فَعُدْتُه ... فمَرِضْتُ مِنْ حَذَرِي عليهِ وأتى الحبيبُ يَعُودُوني ... فبرئتُ مِنْ نَظري إلَيْه وأنت إذا تأمَّلْتَ الوجودَ؛ لا تكاد تجد اثنين يتحابَّان إلا وبينهما مشاكلةٌ، أو اتفاقٌ في فعلٍ أو حالٍ أو مَقْصِدٍ، فإذا تباينت المقاصدُ والأوصافُ والأفعالُ والطرائقُ لم يكن هناك إلا النُّفْرَةُ والبعدُ بين القلوب، ويكفي في هذا الحديثُ الصحيح عن رسول الله ﷺ: «مَثَلُ المُؤمِنينَ في توادِّهمْ، وترَاحُمِهِمْ، وتَعَاطُفِهِمْ، كَمَثَل الجَسَدِ الْوَاحِد، إذا اشْتَكى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعى له سائرُ الجسدِ بالحُمَّى والسَّهَر» (^١). فإن قيل: فهذا الذي ذَكرتم يقتضي أنَّه إذا أحبَّ شخصٌ شخصًا أن (^٢) يكونَ الآخرُ يحبُّه فيشتركان في المحبَّة، والواقعُ يشهدُ بخلافه، فكم من محبٍّ غير محبوب، بل بسيف البغض مضروب. قيل (^٣): قد اختلفَ الناس في جواب هذا السؤال، فأما أبو محمد بن حزم فإنَّه قال (^٤): الذي أذهبُ إليه أنَّ العشقَ اتصالٌ بين أجزاء النفوس المقسومة في هذه الخلقة في أصل عُنْصُرها الرفيع، لا على ما حكاه

(^١) أخرجه البخاري (٦٠١١)، ومسلم (٢٥٨٦) من حديث النعمان بن بشير. (^٢) ش: «إلا أن». (^٣) ش: «فقيل». (^٤) «طوق الحمامة» (ص ٢١).

1 / 117