وبيان ذلك أن ما في النفس إما العلم سواء تعلق بمفرد ويسمى معرفة وتصورا ويدخل فيه الشك والوهم لأن تصور النسبة غير حكم أم تعلق بمركب ويسمى تصديقا واعتقادا، ويدخل فيه الظن والاعتقاد الجازم المطابق الثابت، ويدخل في التصور العلم بالألفاظ أي حفظها وأنها وضعت لكذا من المعاني أو الفكر، وهو ترتيب المعاني في النفس على وجه مخصوص. والقدرة عليه تسمى القوة المفكرة، أو إرادة شي من الأفعال في النفس إلا هه الوجوه. ومن ادعى غي رهذا فعليه بيانه . وما ذهب إليه الأشعري من جواز سماع الكلام القديم فهو بين الاستحالة ضرورة انه المعنى ولا سماع لمجرد المعنى، وإنما هو من ضروريات الصوت ، وإلا كان سماع علمه جائز (¬1) أيضا . والازم باطل ، ولذلك أوله بعضهم بما يدل عليه. والحق أن سماع موسى عليه السلا كسماع الملائكة الكرام كيف شاء الله تعالى أن يسمع .والتدقيق في مثل هذه المضائق مما لا ينبغي، إذا الروح في أجسادنا لا نطيق الخصوص فيها جهلا، فكيف في صفات الواحد الأزلي الذي { ليس كمثله شيء } ؟ وما أو تينا من العلم إلا قليلا . فلو لم يأذن الشرع لنا ان نصفه بالصفات العلية ما فعلنا (¬2) . هذا كلامه، وبه يتبين لك بطلان مذهب الأشعرية في جعلهم ما بأيدينا من القرآن عبارات عن الصفة القائمة بالذات العلية.
صفحة ١٢٩