قال في المعالم: ((قال الأشاعرة: القرآن مكتوب في صحائفنا، محفوظ في قلوبنا، مقروء بألسنتنا، مسموع بآذاننا، ومع ذلك ليس حالا في المصاحف ولا في القلوب ولا في الألسن ولا في الأذان، بل هو معنى قائم بذاته »تعالى« يلفظ ويسمع بالنظم الدال عليه، ويحفظ بالنظم المخيل، ويكتب بنقوش وصور وأشكال للحروف الدالة عليه كما يقال: النار جوهر محرق، يذكر باللفظ ويكتب بالقلم ولا يلزم مذكور حقيقته صوتا وحرفا)) .
لو كان من قال نارا أحرقت فاه لما تلفظ باسم النار مخلوق
وتحقيق ذلك أن للشيء وجودا في الأعيان، ووجودا في الأذهان، ووجودا في العبارة ووجودا في الكتابة. فهذه أربع وجودات للشيء فالكتابة تدل على ما في العبارات وهي على نا في الأذهان، وهو على ما في الأعيان، فحيث يوصف القرآن بما هو من لوازم القديم ، كما في قولهم »القرآن غير مخلوق« ، فالمراد حقيقته الموجودة في الخارج.
وحيث يوصف بما هو من لوازم المخلوقات، يراد به الألفاظ المنطوقة المسموعة، كما في قولنا: قرأت نصف القرآن، أو المخيلة كما قولنا: »حفظت القرآن أو الأشكال المنقوشة« وكما في قولنا: »يحرم على المحدث (¬1) مس القرآن« . ولما كان دليل الأحكام الشرعية هو اللفظ دون المعنى القديم، عرفه أئمة الأصول: بالمكتوب في المصاحف المنقول بالتواتر، وجعلوه أسما للنظم والمعنى معا، أي للنظم من حيث الدلالة على المعنى لا لمجرد المعنى.
قالوا : وأما للكلام القديم الذي هو صفة لله تعالى فذهب الأشعري إلى أنه يجوز أن يسمع صفته .. الأصفاني .
صفحة ١٢٦