أي وأما صفاته تعالى الذاتيه فهي إيجابية، أي توجب له تعالى الكمالات الذاتية،وسلبية باعتبارها أنها تنتفي بها أضدادها النقصانية (¬1) فإن أضدادها في غاية النقصان - تعالى الله عن الإتصاف بها - وضعت ألفاظ هذه الصفات الذاتية دالة على إثبات الكمالات الذاتية، ولها مدلول هو الذات العلي شأنها، ولايخفى أن كلام المصنف متوجه إلى ألفاظ الصفات لا إلى معانيها، فإن الألفاظ هي التي توصف بأنها موضوعة لكذا.
أما معاني الصفات الذي هو مطمح نظر المتكملين حتى لا يطلقون اسم الصفة إلا عليه فسيأتي، وقد أشكلت هذه التفرقة أعني بين معاني الصفات وألفاظها على كثيرين، فمن ثم ذهب قوم إلى أسماءه - تعالى - وصفاته ليست بمحدثه، ويعنون بذلك ألفاظ الصفات وألفاظ الأسماء حتى استوحش بعضهم من مقالة المعتزلة حيث قالوا: إنها محدثة مخلوقة. وقالوا: إن المخلوق هو المتلفظ بها لا هي، وحتى احتج بعضهم بقدمها على قدم القرآن فقال: هكذا القرآن فيه أسماء الله تعالى، واسماؤه غير مخلوقة، فالقرآن غير مخلوق. وقد عرفت بطلانه ووجهه، إنا لا نسلم إنها غير مخلوقة، بل هي مخلوقة لأنها من جنس الألفاظ، وكل لفظ فهو مخلوق.
فقوله إيجابية : أي منسوبة للإيجاب وهو الإثبات، ووجه نسبته لذلك إنه يتوصل بها إلى التعبير عن إثبات الكمال لله تعالى. ولما كان مقابل الكمال الذاتي النقصان الذاتي، أشار إليه بقوله: ((أضدادها في غاية النقصان)).
والمراد بأضدادها : هي الألفاظ التي تدل على ضد الكمال كالجهل ضد العلم والعجز ضد القدرة .. وهكذا.
وقوله وضعت: أي وضعها ربنا عز وجل دالة على الكمالات لذاته، ومعنى وضعه لها: تسميه بها، يقال: وضعت الاسم لهذا الشيء إذا سميته به.
وقوله مدلولها: أي الصفات التي هي الألفاظ.
اعلم أن للالفاظ مفهوما ومدلولا.
فالمفهوم: هو المعنى الذي ينطبع في الذهن من إطلاق ذلك اللفظ.
صفحة ١٣٧