وأنت خبير بأن هذا لم يكن رجوعا من ابن محبوب عن القول بخلق القرآن ، بل هو عين ما قال به أولا ، وإنما كان (¬1) التسليم من محمد بن هاشم لقول ابن محبوب حين سلم ، أن الله خالق كل شيء ولا شك أن القرآن شيء (¬2) وحين سلم أن ما سوى الله (¬3) فهو مخلوق .
ولا شك أن القرآن شيء سوى الله أي غيره ، وحين سلم أنه وحي وتنزيل ، ولا شك أن الموصوف بهاتين الصفتين حادث قطعا لما يلزم المتصف بهما أو بشيء منهما من الانتقال من جهة إلى جهة أخرى، والمنتقل حادث قطعا .
أما ما روي عنهم أنهم أمروا بعد ذلك الإمام المهنا (¬4) بالشد (¬5) على من قال بخلق القرآن، فيحتمل أن يكون الآمر هو غير ابن محبوب ، لأن الراوي لم يقل : ((فأمروا جميعا)) (¬6)
وأما ما روي عن محمد بن محبوب - رحمه الله - مما نصه : (( لا يقال أن أسماء الله محدثه، ولكنها لم تزل له ، ولا يقال أنها هي هو ولا هي غيره ولا شيء منه ، لأنه غير محدود ولا يتبعض (¬7) ، تبارك وتعالى )) . ونقول : أن القرآن كلام الله ، ولا نقول : أنه هو ، ولا شئ منه ، ولا مخلوق ولكنه وحيه وكتابه وتنزيله على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ، والقرآن هو من علم الله ، وعلمه لم يزل ، وهو غير محدث ، والقرآن كلام الله ، والله تعالى لم يزل متكلما ، ومن حد صفات الله كمن حد الله .
صفحة ٤٦