قال أفلاطون: وتنبهوا واعلموا أنكم تركبون خطة عظيمة إذ أنتم محتاجون أن تقلبوا الماء نارا والنار ماء — إلى ما هو أدق.
قال أحمد: يقول لكم، معاشر الطالبين، غوامض العلوم وخفيات الأعمال: إن عليكم الصعب الذى لا يستغنى عن التدبير الدقيق والرأى الكامل. ثم يمثل فيقول: إنه قلب الماء نارا والنار ماء. وقوله: «إلى ما هو أدق» فإنه يعنى به رد الأركان إلى البسيط، وذلك أرفع من التدبير الأول الذى هو قلب النار ماء. وإنما قال: النار والماء، لأنهما أبعد الأركان شكلا. فأما العمل ففيه قلب تركيب كل الطبائع.
قال أفلاطون: والعمل الذى كان من غير المستحيل فوق القمر، تحته من المستحيل يصعب.
قال أحمد: يعنى أن التدبير الذى هو القلب من العلة الأولى الذى لا يقبل الاستحالة فى الموضع الذى هو كذلك. وإذا دام المستحيل فى نفسه فى موضع المستحيل الذى هو تحت الفلك، مثل ذلك الفعل فبالواجب أن يتعب.
قال أفلاطون: وعند انتدابك فى العمل فاستعن فى التحليل بالقمر، وفى التصعيد بالشمس — إلى أن قال: فإن أثرهما يظهر.
صفحة ١٥٣