لخلاف هذين الأمرين. ولا بد من الانقياد بالعمل بها وما دلت عليه، مطابقة وتضمنا والتزاما. وهذا هو دين الإسلام الذي لا يقبل الله دينا سواه.
وأنت -أيها الرجل- ترى كثيرا ممن يدعي العلم والفهم قد عكس مدلول لا إله إلا الله، كابن كمال ونحوه من الطواغيت؛ فيثبتون ما نفته لا إله إلا الله من الشرك في العبادة، ويعتقدون ذلك الشرك دينا، وينكر ما دلت عليه من الإخلاص، ويشتم أهله، وقد قال -تعالى-: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ ١.
وهذا النوع من الناس الذين قد فُتنوا وفَتنوا، يستجهلون أهل الإسلام، ويستهزئون بهم أسوة من سلف من أعداء الرسل، وقد قال الله -تعالى- في أمثال هؤلاء: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ ٢.
وأما ما سألت عنه من حديث: "خذ من القرآن ما شئت لما شئت" فهذا ليس بحديث، ولا يصح أن ينسب إلى النبي-ﷺ. وأما حديث:" ويش الذي يغبا٣ يا رسول الله، قال: الذي ما كان"، فلا يجوز أن ينسب إلى النبي-ﷺ هذا، كيف وقد قال الله -تعالى-: ﴿وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ ٤ فسماها غائبة، مع وجودها في السماء والأرض.
وجوب تبليغ دعوة التوحيد حسب الاستطاعة
(وأما المسألة الرابعة): فيمن يعرف التوحيد ويعتقده، ويقرأ في التفسير كتفسير البغوي ونحوه، فلا بأس أن يحدث بما سمعه وحفظه من العلم، ولو لم يقرأ في النحو.
فمن المعلوم أن كثيرا من العلماء من المحدثين والفقهاء إنما كان دأبهم
_________
١ سورة الزمر آية: ٢.
٢ سورة الزمر آية: ٤٥.
٣ لعل المعنى: وأي شيء الذي يغيب إلخ.
٤ سورة النمل آية: ٧٥.
1 / 29