دل على صحة الصلاة مع ثبوت الفسق، أن يكون العدالة أمرا ظاهريا غير قابل لانكشاف الخلاف لا الملكة الواقعية، وإلا وجب إما صرف أدلة اشتراط تحققها في الواقع عن ظاهرها وجعلها من الشروط العلمية، وإما إبقاؤها على ظاهرها من كونها شرطا واقعيا، وصرف أدلة كون العدالة الواقعية شرطا في صحة الصلاة الخالية عن الفاتحة وغيرها - من خواص المنفرد - إلى كونها شرطا علميا، وكلاهما مخالفان للأصل.
قلت: أولا: إنه قد تقدم (1) أنه لا يمكن أن يكون العدالة أمرا ظاهريا - مثل حسن الظاهر ونحوه - مع كون الفسق أمرا واقعيا، وإلا خرجا عن التضاد، لاجتماعهما حينئذ في من حسن ظاهره وفرض فاسقا في الواقع، مع أن تضادهما من بديهيات العرف، فإنه لا يحكمون بحدوث الفسق من حين الاطلاع على قبح الإمام، بل يقولون: (إنه تبين فسقه) ولذا عبروا في المسألة المتقدمة بقولهم: إذا تبين فسق الإمام.
وثانيا: أنه لو سلمنا إمكان تعلقه من كون نفس العدالة الواقعية حسن الظاهر وإن فرض فسقه واقعا، لكن نقول: إن الحكم بالصحة لا يدل على عدم كونها هي الملكة ولم بضميمة ظهور أدلة اشتراطها في كونها شرطا واقعيا، لأن الدليل على اشتراط العدالة إما الاجماع وإما الأخبار المتقدمة:
أما الاجماع: فهو إنما حصل بانضمام فتوى القائلين بالملكة، ومعلوم أنهم يجعلونها شرطا علميا، نعم: أرباب حسن الظاهر، يجعلونه شرطا واقعيا. هذا كله مع أن معقد اجماع المعتبر هو اعتبار ظهور العدالة لا اعتبار نفسها، قال: (ظهور العدالة معتبر عند علمائنا) (2) وظاهره كونه شرطا علميا عند الكل، وهذا الكلام
صفحة ٣٤