وكان محمد من ألطف الناس ذهنا، وأرقهم طبعا، وأصدقهم حسا، وأرشقهم قلما، وأملحهم إشارة، إذا قال أصاب، وإذا كتب أبلغ، وإذا أشعر أحسن، وإذا اختصر أغنى عن الإطالة، أمره الواثق أن يتلطف بعبد الله بن طاهر، ويعلمه أنه صرفه عن أمر الجزائر والعواصم، وفوض ذلك لابن عمه إسحاق بن إبراهيم، فكتب أما بعد: فإن أمير المؤمنين رأى أن يخلع ما في يمينك من أمر الجزائر والعواصم فيجعله في شمالك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
سهل بن بركة يهجو أبا نوح النصراني الكاتب. فقال:
بأبي وأمي ضاعت الأحلام
أم ضاعت الأذهان والأفهام
من صد عن دين النبي محمد
أله بأمر المسلمين قيام
إلا تكن أسيافهم مشهورة
فينا فتلك سيوفهم أقلام
قال عبد الرحمن بن كيسان: استعمال الكلام أجدر بإحضار الذهن عند تصحيح الكتاب من استعمال اللسان على تصحيح الكلام، ولم يختلف في شرف القلم، وإنما اختلف في كيفية البلاغة وماهيتها، وقد مدحها كل قوم بأوضح عبارتهم، وأحسن بيانهم. فقال صاحب اليونانيين: البلاغة تصحيح الأقسام واختيار الكلام.
الرومي:
صفحة غير معروفة