وأما باقي الألفاظ الكسور فمضافة إلى هذه العشرة الألفاظ كما يقال لواحد من اثني عشر: نصف السدس، ولواحد من خمسة عشر: خمس الثلث، ولواحد من عشرين: نصف العشر، وعلى هذا المثال يتبين سائر معاني الكسور بإضافة بعضها لبعض.
واعلم بأن نوعي العدد يذهبان في الكثرة بلا نهاية، غير أن العدد الصحيح يبتدئ من أقل الكمية وهو الاثنان ويذهب في التزايد بلا نهاية، وأما الكسور فيبتدئ من أكثر الكمية وهو النصف ويمر في التجزؤ بلا نهاية، فكلاهما من حيث الابتداء ذو نهاية، ومن حيث الانتهاء غير ذي نهاية.
(1) فصل في خواص العدد
ثم اعلم أن ما من عدد إلا وله خاصية أو عدة خواص، ومعنى الخاصية أنها الصفة المخصوصة للموصوف الذي لا يشركه فيها غيره، فخاصية الواحد أنه أصل العدد ومنشأه - كما بينا قبل - وهو يعد العدد كله الأزواج والأفراد جميعا، ومن خاصية الاثنين أنه أول العدد مطلقا وهو يعد نصف العدد الأزواج دون الأفراد، ومن خاصية الثلاثة أنها أول عدد الأفراد، وهي تعد ثلث الأعداد تارة الأفراد وتارة الأزواج، ومن خاصية الأربعة أنها أول عدد مجذور، ومن خاصية الخمسة أنها أول عدد دائر، ويقال: كري، ومن خاصية الستة أنها أول عدد تام، ومن خاصية السبعة أنها أول عدد كامل، ومن خاصية الثمانية أنها أول عدد مكعب، ومن خاصية التسعة أنها أول عدد فرد مجذور وأنها آخر مرتبة الآحاد. ومن خاصية العشرة أنها أول مرتبة العشرات، ومن خاصية الأحد عشر أنها أول عدد أصم، ومن خاصية الاثني عشر أنها أول عدد زائد.
وبالجملة: إن من خاصية كل عدد أنه نصف حاشيتيه مجموعتين وإذا جمعت حاشيتاه تكونان مثله مرتين، ومثال ذلك خمسة فإن إحدى حاشيتيها أربعة والأخرى ستة ومجموعهما عشرة وخمسة نصفها، وعلى هذا القياس يوجد سائر الأعداد إذا اعتبر، وهذه صورتها:
1 2 3 4 - 5 - 6 7 8 9
وأما الواحد فليس له إلا حاشية واحدة وهي الاثنان والواحد نصفها وهي مثله مرتين، وأما قولنا: إن الواحد أصل العدد ومنشأه فهو أن الواحد إذا رفعته من الوجود ارتفع العدد بارتفاعه، وإذا رفعت العدد من الوجود لم يرتفع الواحد، وأما قولنا: إن الاثنين أول العدد مطلقا فهو أن العدد كثرة الآحاد وأول الكثرة اثنان، وأما قولنا: إن الثلاثة أول الأفراد فهي كذلك؛ لأن الاثنين أول العدد وهو الزوج، ويليه ثلاثة، وهي فرد، وأما قولنا: إنها تعد ثلث العدد تارة الأفراد وتارة الأزواج فلأنها تتخطى العددين وتعد الثالث منهما، وذلك الثالث يكون تارة زوجا وتارة فردا، وأما قولنا: إن الأربعة أول عدد مجذور فلأنها من ضرب الاثنين في نفسه وكل عدد إذا ضرب في نفسه يصير جذرا والمجتمع من ذلك مجذورا.
وأما ما قيل من أن الخمسة أول عدد دائر فمعناه أنها إذا ضربت في نفسها رجعت إلى ذاتها، وإن ضرب ذلك العدد المجتمع من ضربها في نفسها رجع إلى ذاته أيضا، وهكذا دائما؛ مثال ذلك خمسة في خمسة خمسة وعشرون، وإذا ضرب خمسة وعشرون في مثله صار ستمائة وخمسة وعشرين، وإذا ضرب هذا العدد أيضا في نفسه خرج ثلاثمائة ألف وتسعون ألفا وستمائة وخمسة وعشرون، وإن ضرب هذا العدد في نفسه خرج عدد آخر وخمسة وعشرون. ألا ترى أن الخمسة كيف تحفظ نفسها وما يتولد منها دائما بالغا ما بلغ؟ وهذه صورتها:
5 - 25 - 625 - 390625
وأما الستة فإن فيها مشابهة للخمسة في هذا المعنى لكنها ليست ملازمة كلزوم الخمسة ودوامها 6 36 1296 ستة في ستة ستة وثلاثون فالستة راجعة إلى ذاتها وظهر ثلاثون وإذا ثلاثون، وإذا ضربت ستة وثلاثون في نفسها خرج ألف ومائتان وستة وتسعون فظهرت الستة ولم يظهر الثلاثون، فقد بان أن الستة تحفظ نفسها ولا تحفظ ما يتولد منها، وأما الخمسة فإنها تحفظ نفسها وما يتولد منها دائما أبدا. وأما ما قيل من خاصية الستة أنها أول عدد تام فمعناه أن كل عدد إذا جمعت أجزاء فكانت مثله سواء سمي ذلك العدد عددا تاما فالستة أولها، وذلك أن لها نصفا وهو ثلاثة، وثلثا وهو اثنان وسدسا وهو واحد فإذا جمعت هذه الأجزاء كانت ستة سواء وليست هذه الخاصية لعدد قبلها، ولكن لما بعدها لثمانية وعشرين ولأربعمائة وستة وتسعين وثمانية آلاف ومائة وثمانية وعشرين، وهذه صورتها:
صفحة غير معروفة