قال الرجل: «ممكن.» وتناول شربة كبيرة من مشروب الليمون ووضع الزجاجة جانبا ثم مسح فمه بمنديله في أناقة. كان من النوع الذي يمكن أن يتحدث عن عمله الخاص على أية حال، بل إنه لم يكن ليتحدث عن أي شيء سوى هذا. قال: «أنا في طريقي لرؤية شخص من معارفي، يقيم في كوخه الصيفي. إنه يعاني من أرق حاد إلى حد أنه لم ينل نوما هانئا لليلة واحدة منذ سبع سنوات.» قالت المرأة: «أوه، حسنا.» «وأنا ذاهب لأرى إن كان بإمكاني أن أعالجه. سبق أن حققت نجاحا عظيما مع بعض حالات الأرق، ليس بنسبة مائة بالمائة، لكنه نجاح جيد جدا.» «هل تمارس الطب أيضا؟»
قال الرجل القصير: «لا، لا أفعل. أنا منوم مغناطيسي. هاو، ولا أعتبر نفسي إلا هاويا.»
نظرت إليه المرأة العجوز لعدة لحظات دون أن تقول شيئا. لكن هذا لم يثر استياءه، بل تحرك نحو واجهة المتجر وراح يلتقط أشياء وينظر إليها بطريقة مزهوة ومفعمة بالنشاط. «أراهن بأنك لم تري أي شخص في حياتك يقول إنه منوم مغناطيسي.» قالها ممازحا المرأة العجوز. «أنا أبدو كأي شخص آخر، أليس كذلك. أبدو أليفا تماما.»
قالت: «أنا لا أومن بأي من هذه الأمور.»
أجابها بضحكة. ثم سألها: «ماذا تعنين بأنك غير «مؤمنة» به؟» «لا أومن بأي نوع من الأمور الخرافية.» «سيدتي، هذا ليس خرافيا، إنه حقيقة واقعة.» «أدري ما هو في الحقيقة.»
قال: «حسنا الآن ثمة عدد كبير من الأشخاص يوافقونك الرأي، كبير بدرجة مذهلة. لعلك لم تقرئي مقالا نشر منذ نحو سنتين في مجلة «دايجست» بشأن هذا الموضوع؟ كنت أتمنى لو كان معي. كل ما أعرفه هو أنني عالجت رجلا من إدمان الشراب. عالجت أشخاصا من كل أنواع الحكة والطفح الجلدي والعادات السيئة، ومن العصبية. لا أدعي أن في استطاعتي علاج كل الناس من عاداتهم العصبية، لكن أستطيع أن أقول إن عددا من الأشخاص كانوا ممتنين للغاية لي. في غاية الامتنان.»
رفعت المرأة العجوز يديها إلى رأسها ولم تجب. «ما الأمر سيدتي، هل أنت بخير. هل تعانين الصداع؟» «أنا على ما يرام.»
سألته ماي في جرأة: «كيف عالجت هؤلاء الأشخاص؟» مع أن جدتها طالما حذرتها قائلة: إياك أن أجدك تتحدثين إلى أشخاص غرباء في المتجر.
التفت الرجل القصير في اهتمام، ثم سألها: «لماذا أنومهم مغناطيسيا، آنستي الصغيرة؟ أنا أنومهم مغناطيسيا. هل تطلبين مني أن أشرح لك ما هو التنويم المغناطيسي؟»
احمر وجه ماي التي لم تكن تعلم عم تسأل، ولم تدر ما ينبغي أن تقول. رأت جدتها تنظر إليها مباشرة. كانت المرأة العجوز قد وجهت ناظريها من رأسها إلى ماي بنظرة حادة وكأن نيرانا اشتعلت ولم يكن بوسعها أن تفعل شيئا حيال ذلك، لم تكن تستطع حتى أن تخبرهما ما الأمر.
صفحة غير معروفة