قلت: «ما كان يجدر بك ارتداء هذا الثوب؟ لماذا ارتديت هذا الثوب؟»
هزت تنورتها، فطرحت نبتة شائكة أرضا، مجيبة: «لا أدري.» وأخذت تستعرض قماش الفستان المشدود واللامع برضى تشوبه آثار الثمل، ثم قالت في نوبة حقد صغيرة ومباغتة: «أردت التباهي أمامكم أيها الشبان!» أصبح الآن ذلك الشعور بالرضى الذي يشوبه الازدراء وفقدان الاتزان من أثر الثمل واضحا وضوح الشمس؛ إذ وقفت في سخف واستهزاء وتنورتها منبسطة مضيفة: «أملك كنزة مقلدة من الكاشمير بالمنزل. كلفتني اثني عشر دولارا. ولدي معطف من الفراء، ما زلت أسدد ثمنه للشتاء القادم. أملك معطفا من الفراء ...»
قلت: «هذا رائع، أعتقد أنه من الرائع أن يقتني الناس الأشياء .»
تركت تنورتها وصفعتني براحة يدها على وجهي، فاستشعرت براحة، كلانا شعر بذلك. إذ كنا طيلة الوقت نستشعر صراعا يتزايد داخلنا. وقفنا بمواجهة أحدنا الآخر بحذر قدر استطاعتنا مدركين أننا ثملان بعض الشيء. كانت تستعد كي تصفعني مجددا، بينما كنت أستعد لأمسكها أو أرد لها الصفعة، كانت فرصة لنسوي الأمور بيننا، ونفصح عما نحمل داخلنا من ضغائن تجاه أحدنا الآخر، لكن هذه اللحظة الاندفاعية مرت، والتقطنا أنفاسنا؛ إذ لم نتحرك في الوقت المناسب. وفي اللحظة التالية - دون أن نعبأ بإزالة العداوة بيننا، أو نفكر في التسلسل المنطقي للأشياء - تبادلنا القبلات. كانت أول مرة - بالنسبة لي - أقبل فيها أحدا دون تدبر، أو تردد، أو تعجل زائد، ودون أن أشعر بالإحباط المبهم المعتاد الذي يلي القبلة. شرعت لويس في الحديث ثانية وهي تضحك في انعدام ثقة قبالتي، وعادت إلى الجزء الأسبق من حديثنا وكأن شيئا لم يقطعه.
قالت: «أليس الأمر مضحكا؟ أتعرف، طيلة الشتاء كل ما تفعله الفتيات هو التحدث عن الصيف الماضي، يتحدثن ويتحدثن عن أولئك الفتية، وأراهنك أن أولئك الفتية لا يذكرون حتى أسماءهن ...»
لكنني لم أرغب في التحدث أكثر، بعد أن تجلى لي موطن قوة آخر بها يكمن جنبا إلى جنب مع عدائيتها، والذي كان - في واقع الأمر - لا يقل تغلغلا وجمودا. بعد برهة همست إليها: «أليس هناك مكان يمكننا الذهاب إليه؟»
أجابتني: «ثمة حظيرة في الحقل التالي.»
كانت على دراية بالريف؛ فقد ذهبت إلى هناك من قبل. •••
بعد منتصف الليل قدنا السيارة في طريق العودة إلى البلدة. كان جورج وأديليد مستغرقين في النوم بالمقعد الخلفي. لم أعتقد أن لويس كانت نائمة، على الرغم من أنها أبقت عينيها مغلقتين ولم تنطق بكلمة. كنت قد قرأت في مكان ما عن العبارة اللاتينية: كل حيوان يشعر بالحزن بعد الجماع، وكنت سأخبرها بها، لكنني فكرت بعد ذلك أنها لا تعرف كلمات لاتينية وستظن أنني مدع ومتعال كما هو متوقع. بعد ذلك تمنيت لو أنني أخبرتها بها. كانت ستفهم معناها.
إنه ذلك الشعور بارتخاء الجسد ثم البرودة يليها الافتراق. عندما أخذنا نزيل بقايا القش عنا ونهندم أنفسنا بحركات ثقيلة عشوائية، عندما خرجنا من الحظيرة لنجد القمر قد غاب، لكن الحقول المسطحة بعد الحصاد وأشجار الحور والنجوم لا تزال هناك، أن نجد ذاتينا كما هي، باردة ومرتعشة، ذواتنا التي ذهبت في تلك الرحلة الطائشة ولم تزل موجودة، أن نعود إلى السيارة ونجد الآخرين متمددين ومستغرقين في النوم. هذا هو ما تعنيه حقا عبارة كل حيوان يشعر بالحزن بعد الجماع.
صفحة غير معروفة