ومن جملة الحماقة استدلال بعض من يدعي العلم منهم على إباحة الرقص والدوران المذكور بقوله تعالى : [الذين يذكرون /الله قياما وقعودا 4 ب وعلى جنوبهم] (¬1) وهذا الاستدلال منه أبعد شيء عن العلم ، فإن مفهوم الآية تعميم الأحوال التي اعتوارها على الإنسان ضروري بالذكر ، وأين هي من حالة زائدة ذمها الشرع ، والعقل ، يجب تنزيه الذكر عنها ، كما يجب تنزيهه عن حالة التغوط ، ومخالطة النجاسات ، وسائر أنواع الفسق ، فإن الرقص المذكور من جملة الفسق ، على ما تقرر ، ومن جملتها أنه يزول عن ذلك بقوله تعالى : [وترى الملائكة حافين من حول العرش] (¬2) ، ويقيس دورانهم الشنيع على طواف الملائكة بالعرش ، وعلى الطواف بالكعبة ، فانظر إلى هذه الحماقة ، كيف يقيس المعصية على الطاعة ، ويشبه القبيح بالحسن ، ولا يدري أن هذا الفعل لو فرض أنه غير قبيح في ذاته لما جاز قياسه على الطواف؛ لأن الطواف أمر تعبدي ، ليس للرأي فيه مدخل ، قال الشيخ حافظ الدين في منع التشبيه بالواقفين بعرفة : هذه عبارة مخصوصة بمكان ، ولا تتصور عبادة في غيره ، فإن من طاف حول مسجد ينوي الكعبة يخشى عليه الكفر ، انتهى .
وكذلك يستدل أيضا بما هو كذب على النبي صلى الله عليه وسلم ، وباطل بإجماع أهل العلم ، وهو الحديث الذي ذكره صاحب العوارف أن النبي صلى الله عليه وسلم أنشد بين يديه :
قد لسعت حية الهوى كبدي ... ... فلا طبيب لها ولا راق
صفحة ١٠