إلا الحبيب الذي شغفت به ... ... فعنده رقيتي وترياقي فتواجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وتواجد الأصحاب حتى سقط رداءه عن منكبه إلى آخره (¬1) ، مع أن صاحب العوارف قد تبرأ من عهدته ، ونبه على ما يجب التنبيه عليه ، فقال بعدما رواه : فهذا الحديث أوردناه مسندا كما سمعناه ووجدناه ، وقد تكلم في صحته أصحاب الحديث ، وما وجدنا شيئا نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاكل وجد أهل الزمان ، وسماعهم ، واجتماعهم ، وهيئتهم إلا هذا / وما أحسنه حجة للصوفية ، وأهل الزمان في سماعهم5 أوتمزيقهم الخرق ، وقسمتها أن لوصح ، والله أعلم ، ويخالج سري أنه غير صحيح ، ولم أجد فيه ذوق اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ، وما كانوا يعتمدونه على ما بلغنا في هذا الحديث ، ويأبى القلب قبوله ، والله أعلم وأحكم ، انتهى .
... فانظر إلى هذا الذي يدعي العلم والتصوف والتدين ، كيف يستدل بهذا الحديث على رؤوس المسلمين ، ويذكر إيراد صاحب العوارف له ، ويسكت عما ذكره صاحب العوارف من الطعن فيه ، وعدم قبوله له ، وهذا عين الخيانة ، والغش للأمة بالتلبيس عليهم ، فيا للعجب [ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين ] (¬1) قال السروجي في شرح الهداية : ومن الموضوعات حديث تمزيق الرداء ، والطرب للغناء ، وقال ابن أبي حجلة في كتابه غيث العارض : وكذلك ما يرويه بعضهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أنشده منشد :
قد لسعت حية الهوى كبدي ، الى آخره .
فإنه كذب باتفاق أهل العلم بالحديث ، وقال الدميري من الشافعية في شرح المنهاج : ومن نسب السماع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤدب أدبا شديدا ، ويعزر تعزيرا بليغا ، ويدخل في زمرة الكذابين عليه ، صلى الله عليه وسلم ، فليتبوأ مقعده من النار .
فصل :
صفحة ١٢