المسألة العاشرة (في أنه تعالى واحد لا ثاني له)
وأن إله العرش فرد موحد .... فجل جلال الواحد الصمد الوتر
عقيدة من في قلبه زهر الهدى .... بأنوار حق أو من الحق بالزهر
وأن آله العرش...إلخ. الواحد يستعمل في أصل اللغة على معنيين الأول: بمعنى واحد العدد. الثاني: بمعنى الشيء الذي لا يتجزأ كالجوهر عندهم.
وأما حقيقته في عرف اللغة فهو: المتفرد بصفات الكمال على حد يقل مشاركه فيها. وأما في إصطلاح المتكلمين فهو: المتفرد بصفات الإلهية على حد لا يشاركه فيها مشارك.
ومذهبنا أن الله تعالى واحد لا ثاني له يشاركه في صفات الإلهية التي استحق بها من عباده غاية التذلل والخضوع، وهذا تفسير العبادة التي تحق منا لله تعالى لأنه المنعم علينا بأصول النعم وفروعها، فأصولها خلق الحي وخلق حياته وخلق شهوته وتمكينه من المشتهى وإكمال عقله الذي يميز به بين الحسن والقبيح زاد على هذه الإمام زيد بن علي عليه السلام جهل الخلق بعلم الغيب وقبول التوبة بعد المعصية، وهذه نعمتان عظيمتان. وأما فروع النعم فلا تحصى كما قال تعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}[إبراهيم:34].
والدليل على ما قلنا به أنه تعالى واحد لا ثاني له أن نقول: لو كان له ثان لصح بينهما الإختلاف والتمانع ، وكان يجب إذا أراد أحدهما تحريك جسم والآخر تسكينه أن يحصل مرادهما فيكون متحركا ساكنا في حالة واحدة وذلك محال، وأما أن لا يحصل مرادهما فيخلو الجسم من الحركة والسكون وذلك محال، وأما أن يحصل مراد أحدهما دون الآخر فمن حصل مراده فهو الإله القديم، ومن تعذر عليه فهو عاجز ممنوع، والعجز والمنع لا يجوزانب إلا على المحدثات، وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}[الأنبياء:22] وقال تعالى: { {وما من آله إلا الله}[المائدة:95].
صفحة ٢٤