رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار
محقق
محمد ناصر الدين الألباني
الناشر
المكتب الإسلامي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٥ هـ
مكان النشر
بيروت
وأقول ليس الحديث أيضا في محل النزاع إذ هو في فناء النار ودخول أهلها الجنة وهؤلاء الثلاثة الأولون ليسوا بمشركين فإنهم كانوا في دار الدنيا غير مكلفين فلم يتحقق منهم أنهم كانوا مشركين وليسوا ممن دخل النار ثم فنيت وهم فيها: والرابع الذي مات في الفترة مخاطب بشرع من قبله بنص قوله تعالى: ﴿وإن من أمة إلا خلا فيها نذير﴾ [فاطر: ٢٤] والحديث لم يذكره شيخ الإسلام بتمامه وهو حديث مشكل ولا حاجة لنا إلى الكلام عليه بعد بيان أنه ليس من محل النزاع
ثم استدل شيخ الإسلام بحديث رواه ابن المبارك من حديث أبي
قلت: لم يتبين لي وجه الإشكال إلا أن يكون بدا له التعارض بين الآية ﴿. . إلا خلا فيها نذير﴾ وبين قوله الذي مات في الفترة: (ما أتاني من نذير) . فإن كان هذاهو المشكل فلا إشكال عندي لأنه ليس من الضروري أن تبلغ النذارة كل فرد من أفراد كل أمة بل يمكن أن يكون في كل أمة من لم تبلغهم الدعوة. حتى في هذه الأمة المحمدية فمن الذي يستطيع أن يقول بأن سكان القطب الشمالي والقطب الجنوبي قد بلغتهم دعوة النبي ﷺ َ لا سيما قبل عصرنا هذا الذي تيسرت فيه طرق التبليغ كالراديو وغيره. ولكن أين المبلغون للدعوة إليهم وإلى أمثالهم على وجه الأرض وبلغاتهم؟ بل أين المبلغون للدعوة الحق التي نزلت على قلب محمد ﷺ َ للمسلمين أنفسهم حين انحرف الكثيرون منهم عنها بل وحاربوها هذا أولا
وثانيا: فإن قول المؤلف: أن الذي مات في الفترة مخاطب بشرع من قبله. . لا يدل عليه قوله تعالى: ﴿وإن من أمة﴾ لأن المعنى: (ما من أمة من الأمم الماضية إلا مضى فيها نذير من الأنبياء ينذرها) كما قال الشوكاني في (فتح القدير) . وأما أنها تدل على أن من مات فيها نذير من الأنبياء ينذرها) كما قال الشوكاني في (فتح شيء لا تدل عليه الآية لا من قريب ولا من بعيد بل لا بد له من دليل خاص. فكيف والثابت خلافه وهو قوله ﷺ َ: (وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة) . رواه الشيخان وهو مخرج في (الإرواء) (٢٨٥)
1 / 114