قلنا: فإن كان الأمر على ما قلتم لكان في تفسيره إنكاره لطلبهم دليل على ما يقولون، ولذكر تقدمهم بعد البيان، بل قال: " فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة " لا غير ذلك.
فإن قالوا: إنما غضب الله عليهم لأنه ليس لأحد أن يظن أن الله تعالى يرى جهرة.
قلنا: وأي شيء تأويل قول القائل: رأيت الله جهرة إلا المعاينة، أو إعلان المعاينة؛ قال الله عز ذكره: " لا يحب الله الجهر بالسوء من القول ". والجهر هو الإعلان والرفع والإشاعة؛ فهل يراه أهل الجنة إذا رفع عنهم الحجب، ودخلوا عليه وجلسوا على الكرسي عنده إلا جهرة؟ كما تأولتم الحديث الذي رويتموه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تضامون في رؤيته كما لا تضامون في القمر ليلة البدر "، إلا أن يزعموا أنهم يرون ربهم سرا، لأنه ليس إلا السر والجهر، وليس إلا الإعلان والإخفاء، وليس إلا المعاينة.
فإن قالوا: نحن لا نقول بالمعاينة، ونقول: نراه، ولا نقول نعاينه.
قلنا: ولم، وأنتم ترونه بأعينكم؟ فمن جعل لكم أن تقولوا نراه بالعين، ومنعكم أن تقولوا نعاينه بالعين؟ وهل اشتقت المعاينة إلا من العين؟
صفحة ١٢