ومما يسألون عنه أن يقال لهم: أخبرونا عن قول الله عز وجل: { تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة } [الأنفال: 67]، أليس قد أخبر الله تبارك وتعالى أنهم يريدون غير ما أراد، وأنهم يفعلون غير ما يشاء؟ فإن قالوا: نعم؛ تركوا قولهم ورجعوا إلى العدل. وإن قالوا: إنهم لا يشاؤن إلا ما يشاء الله، ولا يريدون إلا ما أراده؛ خالفوا الله في قوله؛ لأن الله قد أخبر أنهم يريدون الدنيا، وأنه يريد الآخرة، والدنيا غير الآخرة، فكذلك إرادة الدنيا غير إرادة الآخرة، ومن زعم أنهم أرادوا ما أراد الله، فقد زعم أنهم أرادوا الآخرة، وفي ذلك رد كتاب الله؛ لأن الله يقول: { تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة } [الأنفال: 67].
ومما يسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله عز وجل: { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } [البقرة: 185]، أتزعمون أن الله أراد ما يريد كثير من الناس من العسر، أم لم يرده. فإن قالوا: بل الله يريده ويقضى به على من أراده؛ ردوا كتاب الله صراحا. وإن قالوا: إن الله لا يريده؛ تركوا قولهم ورجعوا إلى الحق.
صفحة ٣٠٣