كتاب الرد على المجبرة القدرية
بسم الله الرحمن الرحيم
قال يحي بن الحسين صلوات الله عليه:
الحمد لله الذي لا تراه عيون الناظرين، ولا تحيط به ظنون المتظنين، الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. الداني في علوه، العالي في دنوه. الذي أمر تخييرا، ونهى تحذيرا، وكلف يسيرا، وأعطى على قليل كثيرا. البريء من أفعال العباد، المتعالي عن اتخاذ الصواحب والأولاد، المتقدس عن القضاء بالفساد، الممكن لعباده من العملين الدال لهم على النجدين، المبين لهم ما أحل لهم، الموضح لهم ما حرم عليهم، المرسل إليهم الأنبياء، الداعي لهم إلى الخير والهدى، المخوف لهم بالنيران، المرغب لهم بالجنان، الذي لا تحويه الأقطار، ولا تجنه البحار، ولا تواريه الأستار، وهو الواحد العلي الغفار.
وأشهد أن لا إله إلا هو سبحانه شهادة حقا، أقولها له جل جلاله تعبدا ورقا، الذي رفع السماء فبناها، وسطح الأرض فطحاها، ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالبينات، ونزل معه الآيات، وأنقذ به من الهلكات، وأكمل به النعم والخيرات، فبلغ رسالة ربه، ونصح لأمته، وعبد ربه حتى أتاه اليقين. ثم تولى فقيدا محمودا فصلوات الله عليه، وعلى أهل بيته الطاهرين، الطيبين الأخيار، الصادقين الأبرار، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وجعلهم أمناء على وحيه، ودعاة لخلقه، أمر العباد بطاعتهم وافترض عليهم ما افترض من اتباعهم، اختصهم دون غيرهم بذلك، وجعلهم عنده كذلك، تكريما منه لهم، وتعظيما لما به خصهم من ولادة المصطفى، محمد خير الأنبياء، { ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم } [الأنفال:42].
ثم نقول من بعد الحمدلله والثناء عليه، والصلاة على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أما بعد:
صفحة ٢٩٦