بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل محمد وسلم
18 - قال الموحد : هذا قولنا والرد على من جهل ربه وسماه بغير أسمائه التي سمى بها نفسه ، ووصفه بغير صفاته ، سبحانه وتعالى عن ذلك ، لا نقول في الباري عز وجل كما قال يعقوب بن إسحاق : إنه علة ، فنقض ( 1 ) توحيده وهدم بناءه وكذب نفسه في المقدمات التي برهنها في بدء أقاويله ، وزلت قدمه فهوى ، فلا نقول في الباري عز وجل إنه علة لما بعده إذا نحن أردنا كشف العلل والبلوغ إلى حقائقها في ذواتها والإبانة عنها ، لأنا نوهم السامع أنه من جهة المعلول وجب أن نسميه بعلة ، إذ ليست العلة علة معقولة إلا لمعلول ، ولا المعلول معلول إلا لعلة بالقول إلى مضاف اضطرارا ، فتوهم إذن السامع أن خالقه مضاف إلى كل معلول بغير إطلاق ، تعالى ربنا عن ذلك وتقدس .
19 - والكندي يقولنا بما قلنا بلسانه وينطق به كتابه عنه ويشهد به عليه ، فقد كرر القول وبرهنه أنه عز وجل لا يلحقه المضاف ولا ما شاكل المضاف ، وإن رام أحد بعد أن يخطئ على نفسه فيسميه بعلة [ على ] ألا يكون حينئذ من المضاف في عقله بكل جهده ، لم يجد ذلك ولم يقدر أن ينفي عنه الإضافة من بعد أبدا ، بل أوجب بذلك التبعيض والنهاية ، وكل ما نفى عنه الكندي وغيره إذ سماه علة ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، فلذلك لا نقول نحن إنه علة أفعال المعلولات ، ولا علة المعلولات ، ولا علة العلة ، في مطلبنا هذا الذي نريد به قصد الواحد الصمد جل ثناؤه ، بل نقول : هو الأحد الأول الصمد مبدع العلل ، وهو الذي ( 95 و ) ابتدع المعلولات لأجل تلك العلل التي سبقت منه ، فوجب أن يكون الإبداع من أجلها كائنا تاما متقنا على ما هو عليه من التنضيد والإتقان .
صفحة ٣٦٩