166

ثم أتبع ذلك المسألة فقال: أخبرونا، هل يخص الله برحمته من يشاء من خلقه؟ أم ليست له خاصة؟ وإنما هو أمر عام، فمن شاء ترك ومن شاء أخذ؟ فإن قالوا ذلك فقد كذبوا، والله سبحانه يخبر بخلاف قولهم؛ إذ يقول لنبيه عليه السلام: {ألم نشرح لك صدرك* ووضعنا عنك وزرك} [الإنشراح: 12]، وقال أيضا؛ لمن أراد أن يخصه بالهدى من خلقه: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون}[الأنعام: 125]، وقال أيضا: {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين} [الزمر: 22]، فقال: أخبرونا عن الشرح، ما هو؟ أهو الهدى؟ أم هو الدعاء؟؛ فإن قالوا: إنه الدعاء، زعموا أن كل كافر مشروح الصدر بالإسلام، وأن الخلق كلهم جميعا قد شرحت صدورهم، لأنهم قد دعوا كلهم، وإن قالوا: هو الهدى، الذي يمن به على من يشاء؛ فقد أجابوا. تمت مسألته.

جوابها

وأما ما سأل عنه فقال: أخبرونا هل يختص الله برحمته من يشاء من خلقه؟ أم ليست له خاصة؟

فإنا نقول كما قال الله سبحانه: {وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم* يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم} [الحديد: 29]، ثم نقول: إن اختصاص الله برحمته من يشاء من عباده يخرج على معنيين:

صفحة ٤٦٣