واشتهرت هذه الطائفة بالمتألهين «الخاضعين لله» ، ومنهم: فيثاغورث، وسقراط، وأفلاطون، وأرسطو ومن أهل مذهبهم كثير.
وذهبت أخرى الطائفتين إلى نفي كل موجود سوى المادة والماديات، وأن وصف الوجود مختص بما يدرك بالحواس الخمس لا يتناول شيئا وراءه، وعرفت هذه الطائفة بالماديين. ولما سئلوا عن منشأ الاختلاف في صور المواد وخواصها، والتنوع الواقع في آثارها، نسبه الأقدمون منهم إلى طبيعتها، واسم الطبيعة في اللغة الفرنسية «ناتور» ، وفي الانجليزية «نيتشر» ، ولهذا اشتهرت هذه الطائفة عند العرب بالطبيعيين، وعند الفرنسيين باسم «نتوراليسم» ، أو «ماتييراليسم» ، الأول من حيث هي طبيعية، والثاني من حيث هي مادية.
ثم اختلف هؤلاء بعد اعتماد أصلهم هذا في تكوين الكواكب، وتصوير الحيوانات، وإنشاء النباتات:
فذهب فريق منهم إلى أن وجود الكائنات العلوية والسفلية، ونشأة المواليد على ما نرى، إنما هو من الاتفاق وأحكام المصادفة،. وعلى ذلك فإن إتقان بنائها، وإحكام نظامها، لا منشأ له إلا المصادفة، كأنما أدت بهم سخافة الفهم إلى تجويز الترجيح بلا مرجح، وقد أحالته بداهة العقل.
ورأس القائلين بهذا القول «ديمقراطيس» ، ومن رأيه أن العالم أجمع أرضيات وسماويات، مؤلف من أجزاء صغار صلبة متحركة بالطبع، ومن حركتها هذه ظهرت أشكال الأجسام وهيئاتها بقضاء العماية المطلقة.
وذهب فريق آخر إلى أن الأجرام السماوية، والكرة الأرضية، كانت على هيئتها هذه من أزل الآزال، ولا تزال، ولا ابتداء لسلسلة النباتات والحيوانات. وزعموا أن في كل بذرة نباتا مندمجا فيها، وفي كل نبات بذرة كامنة، ثم في هذه البذرة الكامنة نبات، وفيه بذرة، إلى غير نهاية. وعلى هذا زعموا أن في كل جرثومة من جراثيم الحيوانات حيوانا تام التركيب، وفي كل حيوان كامن في الجرثومة، جرثومة أخرى، يذهب كذلك إلى غير نهاية...!
وغفل أصحاب هذا الزعم عما يلزمه من وجود مقادير غير متناهية، في مقدار متناه، وهو من المحالات الأولية.
صفحة ٦