8
ويعتمد هذا كله في رأي كولنجوود على مناقشة الباحث لما بين يديه؛ بوضع المصادر في قفص الاتهام واستجوابها، وعدم قبول أية رواية على علاتها، فيستطيع بذلك أن يكشف ما أصبح منسيا تماما، باعتماده على نقد روايات المصادر الموجودة بين يديه.
ولا شك أن هذا كله يظهر كما لو كان تصريحا للباحث بمزيد من الحرية، ولكن هنا يظهر القيد الثالث على عمل الباحث ومدى تدخله، من حيث إن المسألة تعود إلى قدراته، والقدرات لا شك محدودة، وعلينا أن نتعرفها جيدا؛ حتى لا نتجاوزها؛ تحاشيا للوقوع في الخطأ.
وأخيرا فإن من الواجب الإشارة إلى أن هناك أحداثا اضطرت الباحث للوقوف عندها مليا؛ خدمة لغرض البحث وأهدافه، بينما مر على بعض الأحداث مرور الإشارة، وتجاوز بعضها لعدم تأثيرها أو جدواها في بحثه، أو لأنها تخرج في تأثيرها عن نطاق دائرته العقائدية، ولا تخدمها من بعيد أو قريب، ثم تم إيجاز كل ما توصلت إليه عملية استقراء التاريخ في خاتمة موجزة للباب.
الفصل الأول
مصر القديمة على ذمة التاريخ
إن الإنسان لا يعرف حضارة من حضارات التاريخ القديم، عمرت ما عمرت الحضارة الفرعونية، وبرهنت على عراقة ورسوخ لا مثيل لهما قط.
أندريه إيمار
وجانين إبوايه
ليس جديدا ولا غريبا، أن يؤكد الباحثون في تراث الإنسانية: أن تاريخ مصر هو تاريخ الدنيا، ولم يكن «برستد
صفحة غير معروفة