ويلاحظ على هذه الدراسات العقائدية العربية، اقتصار كل منها في الغالب على البحث في ديانة معينة ، يتم تناولها في مجملها، دون بيان واضح للخطوط الفاصلة بين معتقد ومعتقد، داخل هذه الديانة المدروسة.
علما أن المترجمات التي تناولت العقائد القديمة، وخاصة عقائد مصر الفرعونية، لم تتناول عقيدة الخلود منفصلة عن بقية فروع الديانة، انطلاقا من قاعدة هي أن هذه العقيدة بالذات هي لب الديانة المصرية وأساسها وجوهرها، فجاءت مختلطة ببقية عقائدها؛ مما جعل الحديث عنها، مستقلة، أمرا صعبا.
وهذا ما نجده مثلا عند «أدولف إرمان
A. Erman » في «ديانة مصر القديمة»، وإن كان ذلك لا يجعلنا نجحد فائدته الكبيرة لهذا البحث، أو ما نجده مختلطا أكثر بالعرض التاريخي في دراسات أخرى، كما عند عبد العزيز صالح في مجموعته الضخمة الشرق الأدنى القديم، أو عند نجيب ميخائيل في سلسلة كتبه مصر والشرق الأدنى القديم، أو سليم حسن في مجموعته «مصر القديمة»، وهي مجموعات هائلة كيفا وكما، وكان لها فضل لا ينكر على بحثنا هذا.
وفي مجال الإشارة للكتب التي أفادتنا لا يفوتنا أن نذكر «فجر الضمير» للمؤرخ والأثري «جيمس هنري برستد
J. H. Breasted »، و«الحضارة المصرية» للأثري «جون ولسن» كما كانت هناك فوائد خاصة لبعض الكتب التاريخية، كمساعدتها في تفهم خط سير التاريخ المصري منذ بداية العصور التاريخية، وقد برزت أهميتها بوضوح أثناء كتابة الباب الأول من هذه الدراسة، ولعل أجدرها بالذكر هنا «مصر الخالدة» لعبد الحميد زايد، وكتاب «تاريخ مصر منذ أقدم العصور إلى الفتح الفارسي» ل «برستد
»، و«قصة الحضارة» لول ديورانت.
إلا أن الملاحظة الجديرة بالتسجيل في مقام عرض ثروة المكتبة العربية العقائدية، أن أغلب المؤلفات العربية كان واضحا فيها روح تبعية واضحة لآراء الأثريين الغربيين وأخذها كمسلمات، والملاحظ بشكل عام على ما تم من دراسات حول العقائد القديمة، أن مجملها كان تسجيليا، وبعض القليل كان وصفيا، وأقل القليل ناقش أو قارن، وأنها بنظرة مجملة لم تجب عن كثير من الأسئلة حول عالم الخلود بوضوح أو بتفصيل؛ مثل:
أين تخيل المصريون القدماء موقعه في الكون؟
زمن وجوده؛ بمعنى: هل هو موجود حاليا بجانب عالمنا هذا؟ أم فيما وراءه ؟ أم سيكون بعد زوال منتظر لعالمنا المحسوس؟ أم أنه صورة مستقبلية له بعد تغيير أو تبديل سيتم فيه؟ ... إلخ.
صفحة غير معروفة