وفي علله، فكأنه (١) الإمام السابق لهذا الاصطلاح وعنه أخذ (٢) البخاري، ويعقوب بن أبي شيبة (٣)، وغير واحد، وعن البخاري أخذ الترمذي" (٤) .
فاستمداد الترمذي لذلك إنما من البخاري، ولكن الترمذي أكثر (٥) منه (٦) وأشاد بذكره، وأظهر الاصطلاح فيه، فصار أشهر به من غيره.
وقال ابن الصلاح: " قول الترمذي وغيره: " هذا حديث حسن صحيح " فيه إشكالٌ؛ لأن الحسن قاصرٌ عن الصحيح، ففي الجمع بينهما في حديث واحد، جمع بين نفي ذلك القصور (٧) وإثباته. قال: وجوابه: أن ذلك راجعٌ إلى الإسناد، فإذا روى الحديث الواحد بإسنادين؛ أحدهما: إسنادٌ حسنٌ، والآخر: إسنادٌ صحيح، استقام أن يقال فيه: أنه حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، أي أنه حسن بالنسبة إلى إسنادٍ، صحيح بالنسبة إلى إسنادٍ آخر. على أنه غير مستنكر أن يكون بعض من قال ذلك أراد بالحسن معناه اللغوي -وهو ما تميل (٨) إليه النفس ولا يأباه القلب- دون المعنى الاصطلاحي الذي نحن بصدده " (٩) . انتهى.
وقال ابن دقيق (١٠) في الاقتراح: "يرد [على الجواب
_________
= النسائي: " كأنَّ الله خلقه للحديث، عابوا عليه إجابته في المحنة، لكنه تنصّل وتاب، واعتذر بأنه خاف على نفسه " من العاشرة، مات سنة (٢٣٤ هـ) على الصحيح. التقريب ص (٣٤٢)، رقم (٤٧٦٠) .
(١) في (ك)، (ش): " وكأنه ".
(٢) في (ك): " أن ".
(٣) يعقوب بن أبي شيبة بن الصلت بن عصفور السدوسي العصفوري، أبو يوسف البصري، ثم البغدادي، الثقة، الحافظ الكبير، صاحب المسند (ت: ٢٦٢ هـ) . الأنساب (٤/١٨٠) رقم (٧١٨٦)، السير (١٠/٣٢٤) .
(٤) النكت على ابن الصلاح (١/٤٢٦) .
(٥) أكثرَ، يُكثِر.
(٦) " فاستمداد الترمذي لذلك إنما هو من البخاري ولكن الترمذي أكثر منه ": ساقطة من (ك) .
(٧) في (ك): "التصور".
(٨) في (ك): " يميل ".
(٩) علوم الحديث لابن الصلاح بتحقيق د. نور الدين عتر ص (٣٩)، والتقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح، للحافظ العراقي ص (٥٨) .
(١٠) محمَّد بن علي بن وهب القشيري، أبو الفتح، تقي الدين ابن دقيق العيد، قال ابن سيد الناس:
1 / 12