به الآثار واضحة أُبينتْ ... بألقابٍ أُقيمتْ كالرسومِ
فَأعلاها الصحاحُ وقد أنارتْ ... نجومًا للخصوص وللعمومِ
ومن حسنٍ يليها ومن غريبٍ ... وقد بانَ الصحيحُ من السقيمِ
فعلله أبو عيسى مبينًا ... مَعالمَه لطلاب العلومِ
وطرَّزه بأثار (١) صحاحٍ ... تخيَّرها أوُلو النظر السليمِ
من العلماء والفقهاء قِدْمًا ... وأهلِ الفضل والنهج القويمِ
فجاء كتابُه عِلْمًا نفيسًا ... يُنافسُ فيه أربابُ الحلومِ
ويقتبسون منه نفيسَ عِلْمٍ ... يُفيدُ نفوسَهُم أسنى رسومِ
كتبناه روْينَاه لنَرْوى ... من التَّسْنيم (٢) في دار النعيمِ
وغاص الفكر في بحر المعاني ... فأَدرك كَلَّ معنى مستقيمِ
فأخرج جوهرًا يلتاح نورًا ... فقُلِّد عِقدَه أهلُ الفُهومِ
ليصعَد بالمعاني للمعالي ... بسعدٍ بعد توديع الجُسوم
محلُّ العلم لا يأوي ترابًا ... ولا يبْلى على الزَّمَنِ القديمِ
فمنَ قَرَأَ العُلومَ ومَن روَاها ... لتنْقُلَه إلى المغْنى المقيم
فإن الرُّوح تأْلَف كلَّ رَوْحٍ ... وَرِيحًا منه عاطرةَ النسيمِ
تحلَّي من عقائده عقُودًا ... منظَّمةً بِياقُوتٍ وتُومِ (٣)
وتُدْرِكُ نفسُه أَسْنى ضياءٍ ... من العلم النفيس لدى العليم (٤)
ويُحْيى جسمُه أعْلى لَذَاذٍ ... مُحياه على الخبر (٥) الجسيم
جزى الرحمنُ خيرًا بعد خيرٍ ... أَبَا عيسى على الفِعْل الكريمِ
وألحقَه بصالحِ مَنْ حَواهُ ... مصنَّفُه مِنَ الجِيل العظيمِ
_________
(١) في البحر الذي زخر (٣/١٠٥٩): "بآثار" وهو الصواب.
(٢) إشارة إلى الرحيق المختوم كما في الآية رقم ٢٧: ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ من المطففين.
(٣) في (ك)، (ش) "وقوم"، ومعنى تُومة: مثل الدُّرَّة تُصاغ من الفضة. النهاية (٢/٢٠٠) مادة: توم.
(٤) في الأصل، و(ك): " الميم "، والصواب ما أثبته. وفي مقدمة تحفة الأحوذي: " الخبر " (١/٣٦٠) .
(٥) في الأصل: "الخبر"، والصواب ما أثبته.
1 / 10