فيقول صادق: الثراء يبدأ بحلم . - لماذا لا تسأل قريبك عن طريق الثروة؟! - هممت أن أفعل مرة، وشاورت نينة فهالها تفكيري وحذرتني من مغبته أن يتهمني الباشا بالحسد.
إنه شخصية متكاملة وتقليدية ولكنه نصب لنفسه هدفا بدا لنا غير معقول.
أما حمادة الحلواني - كالآخرين - فقد فتح نوافذه للثقافة دون قيد أو شرط، ويصر على أن يروي لنا في ليلته ما قرأه بالأمس، رواية المسحور المنبهر المصدق دون أن يجشم نفسه عناء النقد. يقول: الثقافة هجمة ضاربة، أتيحت لنا لتوقظنا من سبات.
فإذا كانت آخر قراءة عن الدين لخصها بنبرته المترفعة، ثم يقول بيقين: هذا هو القول الفصل في الدين!
وتدور المناقشة بين أطراف متناقضة، ولم يكن حمادة في الأصل صاحب عقيدة راسخة فلم يكابد أزمة حقيقية، ونسمعه تارة أخرى وهو يقول: هذه هي قصة الإنسان وهذا هو أصله.
ثم حدث أن قرأ كتابا معتدلا عن الدين والعلم فإذا به يقول: يبدو أنه لا يوجد تناقض بين الدين والعلم!
إنه عميق التأثر بما يعرف، وسرعان ما ينتقل من حال إلى حال، يمتنع عن أي تعريف أو وصف، ليلة مع الليبرالية وأخرى مع الاشتراكية، وقد سأله صادق: ولكن من أنت؟
فأجاب بحيرة: أمامي طريق طويل.
طاهر عبيد يبدو ذا هدف واضح وموقف واضح، لا يشك أحد منا في شاعريته، إنه يحفظ الشعر ويتذوقه وبدأ يبدعه، ويحب الزجل أيضا، أسمعنا أول ما أسمعنا غزلا في صديقات شقيقتيه، وألف زجلا فكاهيا عن شارب صفوان أفندي النادي والد صادق، ونهل من كتابات الرواد فلم يقتصر على الشعراء الثلاثة أو مختارات أبي تمام والبحتري، وقال لنا: عما قريب سأقرأ بالفرنسية.
ولم تضف الثقافة الحديثة جديدا إلى عقيدته، فقد نشأ بلا دين تقريبا، لم يثر الدين اهتمامه ولا شغل تفكيره، ولكنه هام بالشعب والجمال والأغاني، وكان ضميره عامرا بالقيم الرفيعة، وإن تكن نشأته في فيلا الأرملاوي قد أقصته عن المجال السحري لسعد زغلول فإنها لم تربطه بالولاء للملك، ثم جاءت المعارك الحزبية فشحنته بالقرف والكفر بالجميع، وكان يقول: مصر جديرة بالحب ولكنها لم تجد بعد من يحبها لذاتها.
صفحة غير معروفة