وهنا تدخل عمر بن الخطاب كما تذكر بعض الروايات فقال: « هيهات لا يجتمع سيفان في غمد، والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم، ولا تمتنع العرب أن تولي أمرها من كانت النبوة منهم.. ثم أضاف متسائلا: من ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته»(1)!! وقال أبو بكر: فنحن الأمراء وأنتم الوزراء. ثم كثر اللغط، وارتفعت الأصوات، حتى خشيت الاختلاف، فقلت: أبسط يدك يا أبا بكر فبسط يده، فبايعته وبايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار(2).
وبذلك التصرف فرض عمر بيعة أبي بكر أمرا واقعا، ووضع الناس بين خيارين: إما المتابعة والتصديق، وإما الخلاف والفرقة. وبرر ذلك بقوله: أما والله ما وجدنا فيما حضرنا أمرا هو أوفق من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة، فإما أن نبايعهم على ما لا نرضى، وإما أن نخالفهم فيكون فيه فساد(3).
***
وبعيدا عن سقيفة بني ساعدة، كان بنو هاشم وعلى رأسهم الإمام علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب، والزبير بن العوام منشغلين بإعداد جنازة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وكان العباس بن عبد المطلب بحكم خبرته بطباع النفوس وتقلب الأحوال يشعر أن شيئا ما سيحدث، فقال لعلي بن أبي طالب: قم حتى أبايعك ومن حضر، فإن هذا الأمر إذا كان لم يرد مثله، والأمر في أيدينا. فقال علي: أيطمع فيه أحد غيرنا. قال العباس: أظن والله سيكون!؟
صفحة ١٧