وبينما الأنصار مجتمعون في السقيفة افتقدهم المهاجرون فسألوا عنهم فأخبروا بأمرهم، فتوجه أبو بكر نحوهم إلى السقيفة ومعه عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح، وهنالك جرت مفاوضات حرجة ومباغتة، لخص عمر بن الخطاب تلك الأحداث بقوله: « إن عليا والزبير ومن معهما تخلفوا في بيت فاطمة لتجهيز جنازة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتخلفت الأنصار عنا بأجمعها في سقيفة بني ساعدة، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر، فقلت له: يا أبا بكر، انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار. فانطلقنا نؤمهم حيث لقينا رجلان صالحان فذكرا لنا الذي صنع القوم، فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ قلت: نريد إخواننا من الأنصار، فقالا: عليكم ألا تقربوهم، واقضوا أمركم يا معشر المهاجرين. فقلت: والله لنأتينهم، فانطلقنا حتى جئناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا هم مجتمعون، وإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت: من هذا؟ قالوا: سعد بن عبادة. فقلت: ما له؟ قالوا: وجع، فلما جلسنا، قام خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله، وقال: أما بعد، فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا، وقد دفت دافة منكم، تريدون أن تختزلونا من أصلنا وتحضنونا من الأمر - أي الخلافة -!!
فتكلم أبو بكر وقال: أما بعد فما ذكرتم فيكم من خير فأنتم أهله، ولن يعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبا ودارا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين، فبايعوا أيهما شئتم، فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح. فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب(1)، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش.
صفحة ١٦