أي قلب ملكوا
وفؤادي لو درى
أي شعب سلكوا
أتراهم سلموا
أم تراهم هلكوا؟
حار أرباب الهوى
في الهوى، وارتبكوا
فلم أشعر إلا بضربة بين كتفي بكف ألين من الخز، فالتفت، فإذا بجارية من بنات الروم ... فقالت: يا سيدي كيف قلت؟»
وأخذ ابن عربي يعرض الأبيات الأربعة السالفة، بيتا بيتا، فتعلق عليه الجارية الرومية الأديبة بما يبين ما فيه من تناقض المعنى، ففي البيت الأول لا يتفق أن يكون من ملك القلب جاهلا به، وفي البيت الثاني لا يتفق أن يدري الفؤاد شيئا عن الشعب الذي سلكه الأحبة؛ لأن الشعب هو الذي يحول دون أن يحصل الفؤاد على علم، فكيف يكون الحائل دون العلم معلوما؟ وفي البيت الثالث خطأ في توجيه السؤال؛ لأن الأصح هو أن يسأل المحب نفسه عن نفسه إن كان قد سلم أو هلك بعد فراق أحبته، وفي البيت الرابع لا يتفق أن ينصرف المحب بكل قلبه إلى من يهوى، ثم تبقى له مع ذلك فضلة يحار بها.
هكذا أخرجت الجارية الأديبة مواضع التناقض في الأبيات الأربعة؛ وذلك لأنها فهمتها بمعانيها الظاهرة، لكن هذا التناقض البادي يزول إذا ما جاوزت ظاهر الأمر إلى باطنه، وهنا يأخذ ابن عربي في شرح هذه الأبيات نفسها شرحا باطنيا صوفيا؛ ليبين كيف ينبغي أن تفهم، وكأنما أراد أن يرسم أمامنا طريقة الفهم الصحيح عند قراءة ديوانه الذي قدم له بتلك المقدمة.
صفحة غير معروفة