وكانت تزن - في دقة - كلا من عباراتي، والحزن ينضح على وجهها، وسمعتها تتمتم: «قل لي لماذا أنت منهار هكذا؟! كنت قد ظننت أنك قد أصبحت الآن شخصية كبيرة، فما الذي ينقصك؟»
وأشعلت سيجارة جديدة رغم كل ما كنت قد أشعلته حتى الآن، وأخذت أمتص - في عمق - الدخان الدافئ المر، وضحكت ... ضحكت بكل قوتي، ونهضت أجوب الحجرة ويداي خلف ظهري، وإذا بأختي تدخل حاملة صينية. - أنا سعيدة لأني أسمعك تضحك، والله وحده يعلم ماذا يمكن أن تكون هذه المجنونة فيليمونا قد قصته عليك من خزعبلات!
وأخذت فيليمونا تضحك بدورها وتقول: «لقد أعدت على سمعه النكات التي يحكونها عندنا من فم إلى أذن.»
وقالت أختي: «إنني أدرك ماذا يمكن أن تكون.»
ثم تضيف قائلة: «ها هو شيء تأكله وزجاجة نبيذ لكي تعطى شيئا من النشاط، وإذا لم تكن ذاكرتي قد خانتني فإنكما كنتما حبيبين في الماضي.»
وقالت فيليمونا: «أبدا هذه أقاويل.»
وذهبت أختي؛ فزوجها الحداد ينتظرها في الغرفة الأخرى، وأكلنا قليلا من اللحم المشوي ومن الخبز المنزلي الجيد، كما شربنا قليلا من النبيذ، ومسحت فيليمونا فمها بظهر يدها وهي تقول: «هل تعلم أن هذه هي أول مرة نتناول فيها الطعام معا؟» - لم أكن قد فكرت في ذلك، ولكن نعم، أنت على حق يا فيلي.
وملأت كأس فيليمونا كما ملأت كأسي - أيضا - وقلت: «في صحتك يا فيلي.» - في صحتك!
ولاحظت أنني قد أفرغت كأسي حتى قاعها ورأيتني أقول: «كأس آخر يا فيلي.»
واهتزت جدران الغرفة لحظة، وأيقونة القديس بطرس تنظر بعينيها الجاحظتين، والعذراء ماريا تنظر إلي أيضا بعينيها الواسعتين هي والطفل الذي تمسكه بين ذراعيها. - سألتني يا فيلي عما إذا كان ينقصني شيء، ألا فاعلمي أنه لا ينقصني شيء، ولست في حاجة إلى شيء، وأنا سعيد ... سعيد ...
صفحة غير معروفة