وعند سماع هذه الكلمات عادت ملكة إلى النوم، وأما الأب نيكيفور فقد صعد - كرجل مسئول - إلى العربة وأخذ يبحث في الشوفان، وإذا به يعثر في القاع على بلطة وقطعة من حبل ومخرمة! - يا لله! ها هي! ومع ذلك فقد اتهمت ظلما عجوزتي المسكينة، والواقع لقد أدهشني ألا تهتم بي، والآن لكي أكفر عن اغتيابها سأشتري لها طربوشا أحمر، وكوفية في لون الكركم ترد إليها الشباب، وبينما كنت أنا أسرف في مداعبة الزجاجة، كانت هي المسكينة تعرف ما أنا بحاجة إليه أثناء الرحلة، والخطأ الوحيد أنها لم تضع تلك الأشياء في مكانها، ولكن كيف للنساء أن يحذقن شئون أزواجهن؟ - يا سيدتي الصغيرة، يا سيدتي الصغيرة. - ما الأمر يا أب نيكيفور؟ - أنصتي قليلا، تصوري ... إنني وجدت كل ما كان يلزمني (بلطة وحبلا وخرامة)! - أين وجدتها يا أب نيكيفور؟ - آه! تحت أمتعتك، لم يكن ينقصها إلا صوت تصيح به، وقد كنت كذلك الشحاذ الذي يجلس فوق كنز، ثم يطلب الصدقة ... وعلى أية حال، فمن حسن الحظ أن أجدها، ومن المؤكد أن عجوزتي المسكينة هي التي وضعتها. - آه! انظر يا أب نيكيفور كيف كنت سيئا؟ وكيف أثقلت روحك بالخطايا؟ - آه ... نعم يا سيدتي الصغيرة ... هذا حق! لقد أخطأت فيما أفضيت إليك عنها من ألفاظ السوء، ولم يبق لدي إلا أن أغني لها أغنية صغيرة للصلح:
يا عجوزتي المسكينة ... إنني أعدك
طيبة كنت أم سيئة
أن أحتفظ بك إلى الأبد!
وأخذ الأب نيكيفور يشمر عن ساعديه، ويقطع شجرة بلوط صغيرة ليصنع منها محورا للعجلات بالغ الجمال، وأعده على خير وجه، وأعاد العجلة إلى مكانها، وربط المهار في العربة، واستأنف الطريق في رفق وصاح: الآن اصعدي يا سيدتي الصغيرة وإلى الأمام!
ولما كانت المهار قد أكلت جيدا واستراحت، فقد وصلوا إلى بياتزا عند الظهر. - ها أنت في بيتك يا سيدتي! - شكرا لله يا أب نيكيفور، فلم أكن في حالة سيئة حتى في الغابة.
وفيما هما يثرثران وصلا إلى بوابة المعلم إستيك الذي كان عائدا لتوه من الكنيسة، وعندما رأى ملكة لم يتمالك نفسه من الفرح، وعندما علم ما صادفهما من مغامرات وأخطار، لم يعرف كيف يشكر الأب نيكيفور الذي غمره بالهدايا إلى الحد الذي أدهشه.
وفي اليوم التالي رحل مع زبائن آخرين، وعندما وصل إلى بيته كان في حالة من المرح أدهشت زوجته التي لم تره في مثلها منذ سنوات ... وكل أسبوعين أو ثلاثة كانت السيدة ملكة الصغيرة تأتي إلى نياموتزو لزيارة حمويها، ثم تعود وحدها مع الأب نيكيفور لا غير، ولم تعد تخاف من الذئب.
وبعد عام وربما أكثر أخذ الأب نيكيفور يدلي باعترافات وهو يعب النبيذ، فهو يقص على أحد أصدقائه مغامرة غابة دراجون، وخوف السيدة الصغيرة ملكة، وصديقه هو الآخر يدلي أيضا باعترافات أمام أصدقاء آخرين ، ومنذ ذلك الحين لم يتوقف الناس - وهم دائما أشرار - عن معاكسة الأب نيكيفور بتسميته «نيكيفور الحلنجي»، ولصق بالمسكين هذا الاسم، وبالرغم من أنه قد أصبح منذ زمن طويل ترابا، فإنهم لا يزالون يسمونه «نيكيفور الحلنجي»!
ي. ل. كاراجيالي (1852-1912)
صفحة غير معروفة