ثم أطال الأشعري الكلام على هذه المسألة في نحو خمس صفحات ثم قال: (يقال لهم): النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يصح عنه حديث في أن القرآن غير مخلوق أو هو مخلوق فلم قلتم أنه غير مخلوق؟ فإن قالوا: قاله بعض الصحابة وبعض التابعين قيل لهم: يلزم الصحابي والتابعي مثل ما يلزمكم من أن يكون مبتدعا ضالا إذ قال ما لم يقله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم!!.
فإن قال قائل: فأنا أتوقف في ذلك فلا أقول مخلوق، ولا غير مخلوق، قيل له : أنت في توقفك في ذلك مبتدع ضال!!، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل: (إن حدثت هذه الحادثة بعدي توقفوا فيها ولا تقولوا فيها شيئا)!! ولا قال: (ضللوا وكفروا من قال بخلقه أو من قال بنفي خلقه)!!.
وخبرونا: لو قال قائل: إن علم الله مخلوق: أكنتم تتوقفون فيه أم لا: فإن قالوا: (لا) قيل لهم: لم يقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا أصحابه في ذلك شيئا وكذلك لو قال قائل: هذا ربكم شبعان أو ريان أو مكتس أو عريان أو مقرور أو صفراوي أو مرطوب أو جسم أو عرض أو يشم الريح أو لا يشمها أو هل له أنف وقلب وكبد وطحال، وهل يحج في كل سنة، وهل يركب الخيل، أو لا يركبها، وهل يغتم أم لا ونحو ذلك من المسائل لكان ينبغي أن تسكت عنه لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يتكلم في شيء من ذلك ولا أصحابه أو كنت لا تسكت فكنت تبين بكلامك أن شيئا من ذلك لا يجوز على الله عز وجل وتقدس كذا وكذا بحجة كذا وكذا.
صفحة ١٧٤