جماهير الناس، فمن ثم كان كتاب الجزائري، وهو أطول، قاصرًا على المسائل الخاصة بمصطلح الحديث وكتب المحدثين التي قلما ينتفع بها إلا المشتغلون بهذا العلم، فقد وفى بعض مسائلها حقه من الاستقصاء بما لم يفعله القاسمي، ولكنه أطال كل الإطالة بتخليص "كتاب علوم الحديث" للحاكم النيسابوري وهي اثنان وخمسون نوعًا ثم بما لخصه من "كتاب علل الحديث" لابن أبي حاتم الرازي، ثم بما استطرد من الكلام في مبحث كتابة الحديث إلى الكلام في "الخط العربي وتدرجه بالترقي إلى وصله للكمال الذي عليه الآن، وما يحتاج إليه بعد هذا الكمال من علائم الوقف والابتداء" وهو على إطالته في هذا الفن لم يراعه في العمل فكتابه كأكثر الكتب القديمة، وكتاب القاسمي كما علمت في تقسيمه وتفصيل عناوينه والبياض بينها لتسهيل المطالعة والمراجعة، فهو في هذا وفي طبعه على أحسن ما انتهت إليه الكتب الحديثة، كما أنه أكثر جمعًا وأعم نفعًا.
وخلاصة القول في تقريظ هذا الكتاب أننا لا نعرف مثله في موضوعه ومقصدًا ومبدأ وغاية، فنسأل الله تعالى أن يحسن جزاء مؤلفه وطابعه، وأن يوفق الأمة للانتفاع به.
محمد رشيد رضا
صاحب المنار.
1 / 19