وصفت الأستاذ القاسمي في ترجمة المنار له بإصلاح، ورددت على من ينكر على هذا الوصف بما بينت طريقته فيه، واستنبطت مما أطلعت عليه من كتبه ومن حديثي معه أربعًا من مزاياه في الاستقامة على هذه الطريقة:
أولاهن: سبب تدريسه لبعض الكتب المتداولة كجمع الجوامع وكتب السعد التفتازاني وما هي كتب إصلاح، بل فنون اصطلاح أشبه بالألغاز.
الثانية: الاستعانة بنقول بعض المشهورين على إقناع المقلدين والمستدلين جميعًا من المعاصرين بما يقوم عليه الدليل.
الثالثة: أنه كان يتحرى مذهب السلف في الدين وينصرف في دروسه ومصنفاته، وما مذهب السلف إلا العمل بالكتاب والسنة بلا زيادة ولا نقصان.
وذكرت شاهدين من شعره على مذهبه هذا.
الرابعة: أنه كان يتحرى في المسائل الخلافية الاعتدال والإنصاف، واتباع ما يقوم عليه الدليل من غير تشنيع على المخالف ولا تحامل.
وقد أطلت في هذه بما لم أطل فيما قبلها، وذكرت ما أنكره عليه بعض متبعي السلف من أنه خالفهم في كتابه "تاريخ الجهمية والمعتزلة" وكتابه "نقد النصائح الكافية" وبينت ما توخاه من التأليف بين فرق المسلمين الكبرى فيهما، بما لا محل لإعادته هنا، وإنما ذكرت هذا الموضوع لأُذكر به من يستنكر مثله في هذا الكتاب، وقد نقل فيه عن داعية السلف المحقق العلامة ابن القيم سبقه إلى مثله، وتصريحه بأن في كلام كل فرقة ومذهب حقًّا وباطلًا.
كذلك: وقد ألف الأستاذ الشيخ طاهر الجزائري ﵀ بعده كتاب "توجيه النظر، إلى أصول أهل الأثر" وهو في موضوع "كتاب قواعد التحديث" والعلامتان الجزائري والقاسمي كانا سيين في سعة الاطلاع وحسن الاختيار، إلا أن الجزائري أكثر اطلاعًا على الكتب، وولوعًا بالاستقصاء، والبحث، والقاسمي أشد تحريًا للإصلاح، وعناية بما ينفع
1 / 18