فهذه التعريفات تعطي صورة واضحة لاصطلاح عام للقاعدة؛ وقد جرى هذا الاصطلاح في جميع العلوم؛ فإن لكل علم قواعد، فهناك قواعد أصولية وقانونية و نحوية وغيرها. فالقاعدة عند الجميع هي أمر كلي ينطبق على جميع جزئياته، مثل قول النحاة: الفاعل مرفوع، والمفعول منصوب، والمضاف إليه مجرور، وقول االأصوليين: الأمر للوجوب، والنهي للتحريم، فمثل هذه القاعدة سواء في النحو أوفي أصول الفقه أو ما سواهما من العلوم قاعدة تنطبق على جميع الجزئيات بحيث لايند عنها فرع من الفروع . وإذا كان هناك شاذ خرج عن نطاق القاعدة فالشاذ أوالنادر لا حكم له ولا ينقض القاعدة.
لكن الفقهاء قد عبروا عنها أحيانا بقولهم : "ينطبق عليها جزئيات كثيرة" .
فاكتسب الانطباق معنى آخر وانبنى عليه.
عرف تاج الدين السبكي القاعدة بقوله : "هي الأمر الكلي الذي ينطبق عليه جزئيات كثيرة تفهم أحكامها منها"(1).
وقال المقري المالكي في "قواعده" : "ونعني بالقاعدة كل كلي هو أخص من الأصول وسائر المعاني العقلية العامة، وأعم من العقود، وجملة الضوابط الفقهية الخاصة"(2).
ويقول الحموي شارح الأشباه والنظائر لابن نجيم: "إن القاعدة هي عند الفقهاء غيرها عند النحاة والأصوليين، إذ هي اعند الفقهاء حكم أكثري لا كلي لا ينطبق على أكثر جزئياته لتعرف أحكامها"(3).
و ذكر ذلك صاحب(4) منافع الدقايق بشليء من التفصيل فقال: "وأما في
(2) المقري : "القواعد" . "مخطوط"، اللوحة الأولى.
(3) غمز عيون البصائر شرح الأشباه والتظائر: 22/1، (ط . دار الطباعة العامرة، سنة 1357ه).
(4) هو مصطفى بن محمد كوزل حصاري، المرادي، الرومي ، الحنفي الملقب بخلوص، فقيه أصولي متكلم، من آثاره : حاشية الشرح الصغير إبراهيم الحلبي وسماه "حلية التاجي في 41
صفحة ٤٠