المهالك والمعاطب، حسود لا يفطن بحسده ، متكبر لا يشعر بكبره، أعمى بقلبه وبصيرته، لا ريب قد اتصف بصفات غيره ، من الكبر والعلو.
وقد جاء في الحديث عن الله تعالى: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري - فمن نازعني أحدهما أدخلته ناري.
فمثل هذا يكون أصحابه معه في جهد جهيد، وعناء شديد، ينزل على رؤوسهم من أعلى المقامات، ويروم أن يتصرف فيهم، فيكون إليه الإشارات في جميع الحالات، كلما امتلأ كبرا، وكلما ازداد قوة ازداد حالا وامتلأ شرا.
وأهل الله الصفوة على عكس من ذلك، كلما امتلؤوا حالا، اكتسبوا تواضعا، وكلما ازدادوا قوة، ازدادوا شكرا فانظر - رحمك الله - إلى صاحب الحال المفصل ونوره وكونه شعر فلبه بحاله، وشعر - أيضا - بعبوديته المناسبة، لما ظهر في قلبه فعرف ربه، فقام بحقه، وعرف تفسه فأنزلها منزلة من صفات المخلوقين، فعين قلبه ناظرة إلى ربه، خاضعة له، تظهر عليه كسرة الخضوع، وذلة العبودية، وإن كان عزيزا في نفسه، مهيبا بين أبناء جنسه .
فانظر - رحمك الله - إلى صاحب الحال المجمل، وقلة نصيبه من شعوره بربه، وجهله بصفته، وجهله - أيضا - بنفسه وصفتها، وما يجب عليها في العبودية، من قيامها بعبوديته، ومن كونه اتصف بما ظهر لقلبه من العظمة والجبروت، فظهر بما لا يملكه، ففاض عليه
صفحة ٥٠