واربد وجه الأمير
19
وقال: «ويحك يا أبا صالح! دعه وما يريد، أتريد أن تفضحنا في بغداد؟ إنها ستدخل قصر جعفر بن يحيى، وتنزل منزلة بوران بنت الحسن، وتتحلى بما آل إلى خلفاء بني العباس من جواهر الأكاسرة، وتزف إلى سيد الأحياء من ولد العباس بن عبد المطلب، فأين أنت من كل ذلك؟»
قال أبو صالح: «يامولاي، فقد كان مما أوصاني به مولاي أحمد بن طولون رحمه الله ...»
قال خمارويه: «اسكت، لا رحمة عليك! ... وهل كان يقع في وهم أحمد بن طولون أن تقتعد بنت خمارويه عرش بغداد؟»
وطأطأ أبو صالح، فكأن لم يسمع ولم ير، واستدار على عقبيه ذاهبا من حيث أتى، وإنه من الهم ليكاد يتعثر في ظله.
واستمر أبو عبد الله بن الجصاص فيما يدبر من أمره، ويده في مال الدولة ينفق منه ما ينفق، لا يحاسبه أحد فيما أخذ ولا فيما أعطى، وهو عند الأمير في منزلة المشير الناصح، وعند الناس في منزلة الأبله الغافل، وعند نفسه في منزلة بين المنزلتين، ولكنه لم ينس في أي أحواله أنه تاجر، وأنه لن تتاح له مثل هذه الفرصة ثانية فيجد أميرا يطلق يده في ماله مثل خمارويه، وعروسا يتولى جهازها على ما يشتهي مثل قطر الندى ...
وأوشك أن يتم إعداد الجهاز الذي احتشد له في مصر فكر كل ذي فن في فنه، وحيلة كل تاجر في تجارته، وجهد كل عامل في عمله ...
وخرج إلى بغداد «خزرج بن أحمد بن طولون» نائبا عن أخيه خمارويه في موكب ينتظم طائفة من أمراء الطولونية وكثيرا من ذوي الجاه والرياسة في مصر، وغير قليل من الخاصة والغلمان ...
5
صفحة غير معروفة