380

============================================================

القانون 81 ذلك، وسمع أنه وقع ذلك لأناس رعوها في الدهر، فحلف لا يرعى غيرها، وجعل يهيم عليها بماشيته فلم يظفر بها، حتى هلكت ماشيته جوعا وهزالا، ولو آنه ترك نفسه مع الناس، يرعى ما يرعون، فإن اتفق له ظفره بتلك العشبة، من غير عناء في طلبها، فيحمد الله تعالى، وإلا عاشت ماشيته وسمنت بقدر ما يحتاج إليه، وأخذ منها من الزبد ما قسم له، فكذا العاقل يعيش بما يعيش به الناس، من الأسباب العادية، أو التجرد عنها توكسلا على مسبب الأسباب، فإن سبق له أن ينال رزقا غير معتاد، فسيناله بلا هم ولا نصب، والا عاش مع الناس، فإن اكثر من يتبع هذه الطرقات، لا يموت إلا مملقا ذليلا حزيثا مذعورا يإذن الله، إلا من تداركه الله بعقل جديد فتخلى عن ذلك، *والله يهدي من يشاء إلى صواط مستقيم1.

ولا يغفل عن الباعث له على الاشتغال بالعلم، فإنه إن كسان هو طلب ما أعد من الثواب فهو حسن، واحسن منه أن يكون طلب التقرب إلى الله تعالى، وأحسن منه أن يكون امتثالا لأمر المولى سبحانه، وطاعة له وسعيا في تصحيح طاعته، والنفس نزوع إلى الحظوظ العاجلة، من مال وعز وجاه ونحو ذلك، وعندها تشتفل قريحتها، ولا خير في ذلك، وقد مر التشبيه عليه.

وهذا آخر ما وجدنا من هذا الكتاب، جعله الله تعالى لؤلفه كثزا مدخرا ليوم المعاد، ونفع به الجميع أولا وآخرا إلى يوم التناد ، والحمد لله رب العالمين.

نجز بحمد الله وحسن عونه وتوفيته يوم الأحد العاشر من شوال عام إحدى وثلاثين ومائة وألف. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

1- البقرة: 213 - النور: 46.

صفحة ٤٨٢