القانسون بنالللا عزالايم وصلى الله على سيدنا [ومولانا]1 محمد - وعلى ب 2 آله وصحبه وسلم ح تسلبماح 3 (قال الشيخ العالم العلامة، شيخنا واعتمادنا ووسيلتنا إلى رينا، أياه علي سيدنا ومولانا الحسن بن المسعود اليوسي تقمده الله برحمته، ومتعنا والسلمين بعلومه، وبعلوم أمثاله في الدارين آمين، بجاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم]5.
الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم5، والشكر له على ما افهم والهم، وأولى وأنعم. والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد، المبعوث إلى خير 1- سقطت من د.
3- سقطت من ح 3 سقطت من ح.
9- الصواب: أبو علي 5_ ساقط من در ح.
ك تضمين للأتين. - من سورة العلق.
صفحة ١٠٣
============================================================
القانون الأمم بالهدى1 والدين الأقوم، وبيان الأحكام والحكم، وصحابته نجوم الظلم2، وكل من تبعهم على كراثآم الشيم، ما انهمرت سواجم3 الديم على الوهاد والأكم. نساله سبحاثه أن يسبل علينا سوايغ النعم، ويعصمنا في القول والفعل من الزلل والوصم4، انه ذو الجود والفضل الأعم، وذو القدرة والحول الأتم.
أما بعد، فهذا بعون الله قانون يشتمل على أحكام العلم، وأحكام العالم، وأحكام المتعلم، وما يتعلق بشيء من ذلك، على وجه الإشارة والاختصار في العبارة.
فهذه ثلاثة أبواب: ج باهدي تضمين لحديث (أصحابي كالنحوم بايهم اقتديتم اهتديتم). جامع الأصول/و: 410. وفي هذا الحديث مقال من حيث طرق روايته الضعيفة ولذلك لم يسلم ابن عبد البر بصحته، فقال: هدا اسناد لا تقوم به ححة، لأن الحارث بن غصين بحهول". جامع بيان العلم وفضله/2: 91-90.
ورد في ح اسداحم1. وهي من سحم سحوما وسيحاما الدمع: سال قليلا أو كثيرا، وانصب فهو سابم وسحت السحابة الماء: أسالته وصبته.
9- الوصم: العيب والعار.
5- القانون: جمع قوانين، وهو في الأصل مقياس كل شيء:
صفحة ١٠٤
============================================================
صفحة ١٠٥
============================================================
8 القانسون ويشتمل على فصول: الفصل الأول: في شرح ماهية العلم لغة وعرفا ويشتمل على تمهيد، قبل الاشتغال بالتحديد: فاعلم أنه قد دلت الصنعة1 من جهة إمكانها أو حدوئها أو كليهما، على ما سيچين في محله، على وجود الصانع الحق تعالى، وقد علم من حدوث العالم كله على ما سيتقرر، أنه تعالى كان في أزله ولا شيء معه2، إذ لا قديم عندنا ولا واجب وجود، إلا ذاته تعسالى وصفاته القائمة بذاته، وقد علم من الاختلافات الواقعة في الصنعة الموجبة للتخصيص، أنسه تعالى مختار في فعله ، إذ لو فعل بمناسبة ذاتية على طريق التعليل3 أو الطبع4، لسا خصص بثلا عن يثل بايجاد ولا إعدام، ولا مقدار ولا صفة، ولا زمان ولا مكان، ولا جهة.
وقد اقتضى الاختيار الظاهر، أن له تعالى إرادة وقدرة عامة، وعلما محيطا، وحياة دائمة، فكان له النفع والضرر، وقد وجب أن يكون تعالى قاثما بنفسه، اذ [ لو احتاج لم - الصنعة من الصناعة، وهي تختلف عن العلم لأنها خبرة وتطبيق، هذا أطلقوها على الطب، والمنطق وعلم الكلام، وغيرهما من العلوم الفرعية. المعين/1: 229.
2 تضمين لحديث الذي حاه فيه: (كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء).
صحيح البخاري: كتاب بده الخلق، باب ما جاء في قوله تعالى: وهو الذي يبدا الخلسق ثم يعيدة وهو أمون عليه}. الروم: 27.
3- الذين يقولون بالتعليل هم الفلاسفة، المخالفين في انفراده تعالى بالتأثير، أي الاحراع والتكوين 4- يسب القول بالطبع إلى فرقة الطبائعين، الذين يقولون بتأثآير الطبيعة في مطبوعها، وبذلك يدرحون ضمن الطوائف المخالفة في انفراده تعالى بالتأثير.
صفحة ١٠٦
============================================================
القانون يستيد بالملك، فهو حاكم فير محكوم عليه، قاهر غير متهور، آمر غير مامون فعلم آن النفع منه فضل، والضرر عدل1.
فكان من اختياره إيجاد هذا العالم، وكان من الحكمة في إيجاده أن يكون مظهرا لفضله، بالاتشاء والاعطاء، والاغناء والانعام والاكرام، ونحو ذلك، ومظهرا لعدله، بالافناء والاشتاء، والافقار والاضرار، والحساب والعقاب، ونحو ذلك. وكان من اختياره سبحانه، ان يجعل منه من يعقل ذلك ويعلمه فيشهد به، لا ليزداد بذلك سبحانه كمالا، ولا ليدفع (به) 2 نقصا، كيف وهو القائم بنفسه الغني القاهر3، ولكن لمنفعة تعود على الشاهد، بالانتفاع بما علم والامتداء، فيظهر له وعليه فضل الله تعالى، أو مضرة تعود عليه بالاباية والاستكبار، فيظهر له وعليه عدله تعالى، يفعل تعالى ما يشاء ويحكم ما يريد.
(الكلام على ذوي العلم وهم الملائكة والإنس والجن) فخلق تعالى ذوي العلم أصنافا أربعة، وقيل ثلاثة: الأول من النور المحض4، فجعله مستعدا للانتفاع وظهور الفضل، وهو الملك. والثاني من النارة، فجعله مستعدا 1 - وهي عقيدة أهل السنة، خلافا للمعتزلة الذين يوحبون على الله فعل الصلاح والأصلح.
ك سقطت من د و ح.
3 - مصداقا لقوله عز وحل: يائها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو العني الحميد) . فاطر: 15. وقوله تعالى: وهو القاهر قوق عباده وهو الحكيم الخبير. الأنعام: 18.
4- قال السعد التفتازانى في تعريفهم: "الملائكة أحسام لطيفة نورانية، قادرة على التشكلات شرح المقاصد /3: 368.
ك تابع اليوسي الامام سعد الدين التفتازاني في كون العتصر الغالب على تركيب الجن وهو الهسواء كما ذكر في شرح المقاصد/3: 368. وإلا فقد حاء في القرآن الكريم قول الله تعالى : ل(خلق الإيسان من صلصال كالفخار وخلق الجال من مارج من تار}. الرحمن: 14 -15.
صفحة ١٠٧
============================================================
القانسون للاباية1 وظهور العدل، وهو الشيطان2. الثالث من الهواء، فجعله قابلا للأمرين، وهو الجن. ولذا يكون فيهم كافر ومؤمن3، وقيل إنهم من الصنف الثاني، والله يهدي من يشاء.
الرابع من أخلاط أربعة: تراب ونار وماء وهواء، فجعله أيضا قابلا للأمرين، وهو الإنسان.
اما الصنف الثاني، فهو أخس الأصناف، بل أخس المخلوقات، لخبئه وعييه وسوء كسبه4. نعم له مرتبة من الشرف الوصفي، بالحياة والعلم والإرادة والتصرف، فاق بهسا الجمادات والحيواثات العجماوات، ولكن خالف الحكمة في استعمالها، في غير ما هو من شأنها آن تستعمل فيه، من معرفة الله تعالى، ومعرفة حكمه وحكمته وعبادته، وما يعين على ذلك، فبطل شرفه، وصارت المذكورات أشرف منه، لسلامتها عن تلك المخالفة.
وأما الصنف الأول والأخير، فلهما أيضا الشرف الوصفي المذكور، وامتاز الملك بفضيلة الدعوب3 على طاعة الله تعالى، والنزاهة عن معصيته. وامتاز الإنسان بفضيلة الاختيار، ومقاساة الشهوة، ومجاهدة النفس والشيطان، وانقسم إلى ثااثآة أصناف: صنف ابتلي بمخالقة الحكمة، فالتحق بالشيطان6 كما مر، وهم الكفار وصنف خصص بالطهارة والنزاهة، فالتحق بالملائكة، وهم الأنبياء. وصنف في وسط المجال، والحرب بينسه 1- ورد في ح اللأبية".
2- الشيطان يكون فعلان من شاط يشيط بقلب ابن آدم، وأشاطه أي أملكه، ومن شاط بقلبه أي مال به، ويكون فيعالا من شطن أي بعد، كأنه بعد عن الخير، كما أنه سمي ابليس، لأنه يبلس من رحمة الله أي يئس، وكان اسمه عزازيل، إعراب ثلاثين سورة من القرآن: 7.
3- إشارة إلى قوله تعالى: (وأنا منا الصالخون ومنا ذون ذلك كنا طرائق لددا. الجن: 11 .
4 - قال تعالى: {الشيطان يعدكم الففر ويامركم بالفخشاء والله يعدكم مغفرة منه ولضلا والله واسع عليم البقرة: 268.
5 - قال تعالى: يسبخون اللعل والنهار لا يفترون}. الأنبياء: 20.
6- ورد في ح بالشياطين.
صفحة ١٠٨
============================================================
القانون وبين (الشيطان سجال1. ثم من هذا الصنف صنف يقارب الأول، وهم عوام العصاة الغافلين، أديلوا على الشيطان في الإيمان، وأديم2 عليهم في اكثر الأعمال. وصنف يقارب الثاني، وهم خواص الصديقين والأولياء3. وصنف4 وسط وهم سائر المتوجهين من المومنين.
ثم الصنف الملتحق بالملك، يكون أفضل من الملك علسى الصحيح، لاستحصاله الفضيلتين، وإنما النظر في الذي يليه لاختلاف الجهتين، والجن يكون كالإنسان، باعتبار الصنف الأول منه، والثالث بخلاف الثاني، فإن النبوءة لم تكن في الجن علسى الصحيح المشهور، فالإنسان اشرف كما قال تعالى: ولقذ كرفنا بني آدم5.
(الكلام في حقيقة العقل) واعلم أن الله تعالى لمسا اختار هذه الأصناف لاستفادة العلم، خصهم بآلته وهي العقل، وهي منساط التكليف الشرعي، ففاقده من المخلوقات وهسي: الجمادات، والعجماوات، لا تكليف عليه، وكذا فاقده من هؤلاء كالصبيان، والمجانينا. والعقل مشترك بين معان، واختلف في معناه هنا.
1- ورد في ج السحال.
ك ورد في ج و ح اديل، ومعنى ما بتناه أي صار لهم إسوة.
3 - قال تعالى: الا إد أولياء الله لا خوف عليهم وكا هم يخزكون}. يرنس: 62.
ورد في ح وقسم.
5- سورة الاسراء70.
كالعقل في اللغة هو الححر، والنهى، وقد سمي بذلك تشبيها بعقل الناقة، لأنه يمنع صاحبه من العدول عن سواء السبيل، كما عنع العقال الناقة من الشرود.
7- تضمين للحديث الدي رواه علي وغيره عن النمي: (رفع القلم عن ثلائة عن النايم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المحنون حتى يعقل) . حامع الأصول اه: 349.
صفحة ١٠٩
============================================================
القانسون فقال الشيخ أبو الحسن الأشعري1 : هو "العلم ببعض الضروريات"2 أي ببعض القضايا الكلية البديهية، إذ لا يكون هو العلم بجميعها، وإلا لم يسم عاقلا من فاته شيء منها، ولا بالنظريات لتوقفها على النظر، المتوقف على العقل. واعترض بأن كون العاقل لا ينفك عن هذا القدر، لا يوجب كون العقل هو ذاك، لجواز تلازم المتثايرين.
وقال القاضى3. هو "العلم بوجوب الواجبات، واستحالة المستحيلات، ومجاري العادات"4 وهو كالأول، وهو تفسيره.
وقال الإمام الظاهري: إنه "غريزة يتبعها العلم بالضروريات عند سلامة الآلات"6 فمن ذهب تمييزه لعارض نوم أو سكر أو جزع عاقل، لوجود الغريزة.
وقيل هو: "قوة حاصلة عند العلم بالضروريات، يتمكن بها من اكتساب النظريات"7، وقيل: "قوة نميز بها بين الأمور الحسنة والقبيحة"5 وقيل: "انور روحاثي بسه تدرك النفس 1- هو علي بن اسماعيل بن اسحاق أبو الحسن الأشعري، موسس مذهب الأشاعرة (ت: 324). من تصانيفه: "الرد على المحسمة(1، وامقالات الإسلاميين" . الأغلام /*: 263.
2- نص منقول بأمانة من شرح المقاصد /332:2.
3 المقصود به: أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني (ت: 403ه)، المتكلم على مذهب أهل السنة وأهل الحديث، وطريق الأشعرية. من تصانيفه "الإبانة1، و"شرح اللمع1، و"الإمامة الكبيرة والصغيرة".
ترتيب المدارك/5: 25 - وفيات الأعيان/2 278.
ب أورد هذا التعريف العلامة نصير الدين الطوسي، في التلخيص بذيل كتاب محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين. للفخر الرازي. ص: 151.
5- هو داود بن علي بن خحلف الأصبهاني، الظاهري (201 - 270ه). من تآليفه: "الححة"، واا إبطال القياس، و"خبر الواحد" . وفيات الأعيان/2: 255 - شذرات الذهب/2: 258 - وغيرها.
6- شرح المقاصد. /333:2.
1- نفسها3322.
6- نفسها3322.
صفحة ١١٠
============================================================
القانون- العلوم الضرورية والنظريةه1، وهي ترجع إلى معنى واحد. وهذه الغريزة مبدأ وجودها عند اجتثان الولد، ثم لا تزال تنمو حتى تكمل عند البلوغ (تقسيم قوة العقل من حيث هي إلى عقل نظري وعقل عملي] تقسيم هذه القوة من حيث هي على طرفين: لأنها إما أن تلاحظ من حيث "تأثرها عما فوقها من البادي، بالاستكمال بالعلوم والادراكات، فتسى عقلا نظريا "2، أو من حيث "تاثرها فيما تعلقت به3 بالتكميل، فتسمى عقلا عمليا"4.
والأول أربع مراتب، لأنه اما استعداد محض للادراك، وهو العقل الهيولاني2 (كما في الأطفال. واما استعداد لتحصيلة النظريات بعد حصول الضروريات، وهو العقل بالملكة(. واما استعداد لتحصيل النظريات متى أريد، من غير افتقار إلى كسب لكونها 1- شرح المقاصد. /333:2.
2- منقول بتصرف من شرح المقاصدا3: 339.
5- ورد في ح فيه.
4- منقول بتصرف من شرح المقاصد/و: 339.
ك ورد في داطيولي. و العقل الهيولاني، هو الاستعداد المحيض لادراك المعقولات، وإنما تسب إلى الهيولى، لأن النفس في هذه المرتبة تشبه الهيولى الأولى الخالية في حد ذاتها من الصور كلها، وهر مرادف للعقل بالقوة. التعريفات: 85.
6 ورد في ج لحصول.
1- العقل بالملكة هو العلم بالضروريات، واستعداد النفس بذلك لا كتساب النظريات.
صفحة ١١١
============================================================
القالسون مخزونة تحضر بأدنى التفات، وهو العقل بالفعل1. وإما حصول النظريات مشاهدة بالفعل، وهو العقل المستفار2.
والثاني عبارة عن قوة يتمكن بها الإنسان من استتباط الصناعات، وسائر التصرفات الجزئية، وتمييز المصالح والمفاسد في ذلك، لينتظم معاشه ومعاده3 ، ولها ارتباط بالأولى، لأن حاصلها أنها استعمال القوة النظرية في موادها، وتصريفها في جزثياتها، والعمل على مقتضى الأحكام الجزئية الثابتة عن الأحكام الكلية الثابتة بالنظر، كما يتصور في معنى القضاء في الفقه بالنسبة إلى فن الفقه.
وأول عمل الحركة النظرية في النفس، ثم الشوق إلى نيل المنفعة مثلا، ثم الإرادة، ثم الانبعاث، ثم الفعل. مثلا يقال النافلة قربة، وكل قربة ينبغي أن تفعل، فالنافلة ينبغي أن تفعل، فتشتاق النفس إلى فعلها فتريده، فتنهض إليه فتفعله.
وقد يلاحظ في القوتين "الكمال وهو الحكمة4، ففي الأولى معرفة أعيان الموجودات وأحوالها وأحكامها، على ما هي عليه في نفس الأمر بقدر الطاقة البشرية، وتسمى حكمسة نظرية. وفي الثانية القيام بالأمور على ما ينبغي، وتسمى حكمة عملية. وفسروا الحكمة على ما يشمل القسمين: بأنها خروج النفس من القوة إلى الفعل، في كمالها الممكن علما وعملا.
1- العقل بالفعل هو أن تصير النظريات مخرونة عند القوة العاقلة بتكرار الاكتساب، بحيث يحصل لها ملكة الاستحضار متى شاعت، من غير تحشم كسب حديده لكنها لا تشاهدها بالفعل.
2 - العقل المستفاد هو أن تكون النظريات حاضرة عند العقل، لا تغيب عنه. المعحم الفلسفي/2: 84.
و- قارن بما ورد في شرح المقاصدا3: 342.
4 - الحكمة هي العلم والتفقه، قال تعالى: ((ولقد آتينا لقمان الحكمة} يعني العلم والفهم، وقال تعالى: ومن يؤت الحكمة ققد أوتى خيرا كييرا}، والحكمة العدل، والكلام الموافق للحق، وصواب الأمر وسداده، ووضع الشيء في موضعه... المعحم الفلسفي/1: 491.
5- ورد في ج: الأول.
صفحة ١١٢
============================================================
القالون- فير أنه تعدر نيل التحقيق علما وعملا، دون التأييد بنور الشريعة، فرجعت الحكمة بالحقيقة الى الشريعة، وهي الفقه في الدين الصادق2 بمجموع العلم والعمل على ما يرضي الله تعالى"3.
وقد تقسم الحكمة النظرية4 المفسرة بمعرفة الأشياء على ما هي عليه، إلى العملية والعلمية5، لأنها إن كانت علما بالأمور المتعلقة باكتسابنا فعملية، لأن غايتها العمل واجتلاب الخير وإلا فعلمية محضة، لأن غايتها الاطلاع على الحق في الأشياء لا غين وكلتاهما تنقسم أولا إلى ثلاث، فالعملية إلى علم الأخلاق وعلم تدبير المنزل وعلم السياسة.
والعلمية إلى الإلهي والرياضي والطبيعي وسنشرح هذه الأقسام عند تقسيم العلوم إن شاء الله تعالى.
(حقيقة العلم وما يتعلق بذلك) إذا علم هذا فنقول: اختلف في العلم، فقيل: "ضروري"4 واختاره الإمام الرازي( لوجهين: الأول: أن العلم يمتنع اكتسابه بنفسه وهو ظاهر، وبغيره لأن الغير انما يعلم 1- ورد في ج: بالدين.
ورد في ح: الصادر.
3- راحع شرح المقاصدا3: 344.
4- واليوسي مسبوق في هذا التقسيم للحكمة بابن سيناء الذي قسم الحكمة إلى قسمين: قسم نظري محرد وقسم عملي، أما غاية القسم النظري، فهي الاعتقاد اليقيى بحال الموحودات. أما القسم العملي، فالمقصود منه حصول رآي لأجل عمل، وغايته هي الخير. المعحم الفلسفي/1: 491.
ك ورد في دو ح: النظرية والعملية.
6- أورده صاحب شرح المقاصد /1: 189.
6- محمد بن عمر الرازي المولد، الملقب بفحر الدين (544 -606ه)، الفقيه الشافعي، فاق أهل زمانه في علم الكلام، له: تفسير القرآن الكريم1، وهو كبير حدا لم يكمله، وانهاية العقول(1، و"المحصل1، و"المعالم(1. وفيات الأعيان /4: 248.
صفحة ١١٣
============================================================
القانسون بالعلم، فلو علم العلم بغيره لدار، فتعين طريق الضرورة. الثاني: آن علم كل أحد بوجوده ضروري، وهذا ( علم خاص أخص من مطلق العلم، متركب2 منه ومن الخصوصية الإضافية مسبوق به، وإذا كان هذا ضروريا فسابقه أولى أن يكون ضروريا، وهو العلم من حيث هو، وهو المطلوب 3.
وأجيب بأنهما مبنيان على عدم ملاحظة الفرق، بين الحصول التصوري والاتصافي، وذلك أن حصول الشيء في القلب إما بذاته وهو الاتصاف، وأما بصورته وهو التصور، وبينهما عموم وخصوص من وجه. فالكافر مثلا يحصل الكفر اي الجحود في قلبه، وقد لا يتصوره لجهله بالحقائق والمومن قد يتصور الكفر فتحصل صورته في قلبه علما وهو ليس بكافر والايمان وغيره كذلك، فنقول في الوجه الأول: إن تصور العلم على تقدير كونه مكتسبا موقوف على تصور الغير الذي يكتسب به، وتصور ذلك الغير غير موقوف على تصور العلم ليلزم الدور، بل على حصول العلم، وفي الثاني أنه لم يحصل لكل أحد تصور العلم بوجوده، ليكون ضروري الحقيقة، بل العلم بوجوده على وجه الاتصساف: وقيسل: انظري عسير لعسر الاطلاع على داتيات الأشياء، من جنس وفصل"، واليه ذهب إمام الحرمين4 والغزالي5، قالا: "ويعرف بالقسمة والمثال".
1- ورد في ح: الضروري.
ك ورد في ح: فتركب.
3- نص منقول من شرح المقاصد مع بعض التصرف. /4: 190.
4- هو عيد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويي، أبو المعالي (419-78هه) أعلم المتأخرين من أصحاب الشافعي، ولد في حوين ورحل إلى بغداد، فمكة حيث حاور آربع سنين، من مصنفاته: "غياث الأمم1، و"الارشاد في أصول الدين، وغيرها. أعلام الزركلي /4: 160 .
ك هو أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد الغزالي، الملقب بحجة الإسلام، الفقيه الشافعي، (450 505ه)، صنف الكب الفيدة في عدة فنون منها: "الوسيط1، و"البسيط1، و"الوحيز1، و1احياء علوم الدين1، ولمعيار العلم(1، و" المقاصد1، وغيرها. وفيات الأعيان اه: 216.
صفحة ١١٤
============================================================
القانون- أما أولا فبان الاعتقاد إما جازم أو لا، مطابق أو لا، ثابت أو لا، فيمتاز العلم يالجزم عن الشك والظن والوهم، وبالمطابقة عن الجهل المركب1 والاعتقاد الفاسد، وبالثبات أي الناشي عن ضرورة أو برهان عن التقليد المطابق فهو اعتقاد جازم مطابق ثابت. وأما ثانيا فبأن إدراك البضيرة المسمى علما، هو مثل إدراك الباصرة المسمى رؤية، في أن الكل انطباع ففي العلم انطباع صورة المعقول في نفس المدرك، كانطباع الشكل في المرآة. وقيل غير عسير وعرف بتعريفات أقربها بناء، على آن المراد به "ادراك العقل أنه هو حصول عسورة الشيء في النفس أو في العقل"2 كما مر والمراد بالشيء اللغوي لا خصوص الموجود، والمراد بالحصول الانتقاش كها مر. وزعم الأطباء أن الانتقاش وزواله قد يسهلان لإفراط الرطوية، وقد يسهل أحدهما دون الآخر، لإفراط الحرارة أو3 فيرها.
والمراد بسالزوال الذهول4 والنسيان، فيختلف على الإنسان باعتبار طبعه ذلك تقدير العزيز العليم5. وقد يضاف إلى النفس، فيقال هو: "وصول حالنفس ك5 إلى المعنى"1، وقالوا: "أول مراتب وصول التفس إلى المعنى شعور، فإذا وصلت إلى تمامه 1- الجهل قسمان: الجهل البسيط وهو عدم العلم عما من شأنه أن يكون علما. والجهل المركب، وهو عبارة عن اعتقاد جازم غير مطابق للواقع. التعريفات: 80.
كقارن بما ورد عند صاحب شرح المقاصد/: 194.
3- ورد في ح: وغيرها.
4- الذهول من ذهل عن الشىء نسيه وغفل عنه، وهو تشتت الذهن، آي توزع الانتباه بين: موضوعات مختلفة، بحيث يؤدي ذلك إلى العحز عن تركيز في أحدها. المعحم الفلسفي/1: 597.
5 الأنعام: 96 - يس: 38- فصلت: 12.
6 سقطت من ح 6- قارن بشرح المقاصد/: 194.
9- ورد في ج: وأصل:
صفحة ١١٥
============================================================
القانسون فتصور، فإذا بقي بحيث لو آريد استرجاعه أمكن فهو حفظ، ويقال لذلك الطلب 6 تذكر، ولذلك ( الوجدان ذكره1.
وبناء على أن المراد به أحد اقسام التصديق ما مر في القسمة، وعلى أثه يشمل التصور والتصديق اليقيني، حهو "اصفتكذ ينجلي بها المذكسور لمن قامت بسه"3. والمذكور شامل للموجود والمعدوم، الممكن والمستحيل، والمفرد والمركب، والتلسي والجزئي، أي ما من شأنه أن يذكر، والتجلي الانكشاف التام، فيخرج الجهل والظن والشك، والاعتقاد المطابق أيضا، فإنه عقدةه على القلب وليس فيه انكشاف، فإن جرينا على ما مر في الذكر، من أنه رجوع المعلوم إلى الحافظة3، ورد عليه أن الذي من شأنه أن يذكر هو ما يكون معلوما أولا، ولا معنى للعلم به ثانيا، ويخرج العلم بالشيء ابتداء، وان أريد المعلوم، أيي ما من شأنه أن يعلم فينسى فيذكر، فالواجب عليه أن يقتصر عليه، ولا فائدة فيما وراءها وحينئذ يرد الدور، ويرد عليه أيضا إدواك الحواس عند من لا يجعله علما.
وقيل: هو اصفة توجب تمييزا بين المعاني لا يحتمسل النقيض"6، فخرجت القدرة ونحوها مما لا يوجب ذلك وخرجت إدراكات الحواس لأنها من الأعيان لا المعاني، وخرج 1- هذا التعريف للامام الرازي، حسبما أفاد به صاحب شرح المقاصد/1: 195.
ساقط من ج - قارن بما ورد في شرح المقاصد/: 195.
ب جملة من التصورات والانفعالات المكبوتة الناشية عن خبرات صراعية ذات شحتة وحدانية كبيرة، وهي وإن كانت لا شعورية، إلا أنها توثر في تفكير الشخص، وتطبع سلو كه بطابع الانحراف والشذوذ المعحم الفلسفي)2: 83.
ك- هي عند الفلاسفة العرب، قوة تحفظ ما تدر كه القوة الوهمية من المعاني الجزئية، فهي خزانة الوهم، كالخيال للحس المشترك، وتسمى أيضا ذاكرة. المعحم الفلسفي /1: 219: ك- نص منقول بأمانة من شرح المقاصد/1: 195.
صفحة ١١٦
============================================================
القانون الجهل والظن والاعتقاد، لاحتمال الثقيض إما في الحال أو المآل. والعلوم العادية داخلة، لأن القطع فيها مستند إلى موجب وهو العادة، والاحتمال فيها على معنى أنها لو لم تقسع لم يلزم محال بالنظر إلى ذاتها، لا أنها مشكوكة بعد إذ وقعت ومن يجعل إدراك1 الحواس علما يسقط لفظ المعاني، ومن يخص العلم بالكليات2 والمعرفة بالجزئيات3، يزيد فيقول بين المعاني الكلية.
والظاهر آن هذا هو العلم4 عندهم اصطلاحا ولغة، والظاهر من إطلاقات العرب استعمال لفظ العلم في أعم من ذلك، وهو الاعتقاد الجازم المطابق مطلقا، كما لسو أخبرك انسان تلق به بموت زيد وصدقته، فإنك تقول علمت أن زيدا مات، آي بهذا الخير، وهو من التقليد، وبهذا يقول الفقهاء يجوز أداء الشهادة، إن حصل العلم ولو بصبي أو امرأة.
ودعوى كون هذا الاطلاق مجازا كما قال بعضهم لا يسلم، فإن الأصل في الاطلاق الحقيقة3.
- الادراك في اللغة هو اللحاق والوصول. وله في الفلسفة العربية عدة معان، منها أنه يدل على حصول صورة الشيء عند العقل، سواء كان ذلك الشىء بجردا أو ماديا، حاضرا او غائبا، حاصلا في ذات المدرك أو آلته. المعحم الفلسفي/1: 53.
2- الكلي هو المنسوب إلى الكل، ويرادفه العام، كقولك العلم الكلي، أي العلم الشامل لكل شيء: والكليات الخمس هي: الجنس والنوع والفصل والخاصة والعرض العام. المعحم الفلسفي)2: 283.
3- الجزئي هو المنسوب إلى الجزء، ويطلق على معنيين: الأول هو الجزئي الحقيقي، وهو كون المفهوم، بحيث كنع تصوره من وقوع الشركة فيه. والثاني هو الجزئي الإضافي وهو كون المفهوم مندرحا في كلي أعم منه، كالانسان بالنسبة إلى الحيوان. المعحم الفلسفي/2: 400.
4 - العلم هو الإدراك مطلقا تصورا كان أو تصديقا، يقينا أو غير يقيني، وقد يطلق على التعقل، أو على حصول صورة الشيء في الذهن، أو على الاعتقاد الجازم المطايق للواقع، أو على إدراك الشيء على ما هو به، أو على إدراك حقائق الأشياء وعللها، أو على إدراك المسائل عن دليل، أو على الملكة الحاصلة عن إدراك تلك المسائل. المعحم الفلسفي)/2: 99.
5- ورد في ج: حقيقة.
صفحة ١١٧
============================================================
القانون (اطلاق العلم على مسائل الفقه) وهاهنا صنف آخر من الأمور الظنية قد أطلق عليه اسم العلم، وهي الأحكام الاجتهادية في عرف الفقهاء، والاجماع أن المطلوب من العبد العلم والعمل، فما من حكم اعتقده وعمل به، إلا ويسمى فيه صاحب علم وعمل، وقد يتعذر عنه بأنه في علم المستفتي علم للقطع به عن موجب، وهو قول المفتي في حقه، وأما في حق المفتي فإنما يطلق عليه أنه من مسائل العلم، أي من جملة ما ينتسب1 إلى العلم، بمعنى الفن على ما سيچيئ بيانه، أو أنه لقربه من القطع، أو لكون العمل به معلوما من ( الدين، فيكون الاطلاق مجازا بالاعتبارين.
الفصل الثاني: أن العلم بمعنى الادراك على ما هر، يسمى تصورا تقول تصورت الشيء، إذا حصلت منه صورة في عقلك، وتصور الشيء أي حصلت لسه صورة، ثم اشتهر تقسيمه الى تصور وتصديق، فقيل: "معناه إلى تصور سالج"، آي لم يعتبر معه حكم، والى تصور مقرون بحكم، كتصور العالم والحادث، مع الحكم بأن العالم حادث، فتصور العالم في نفسه، وكذا الحادث في نفسه، وكذا النسبة بينهما من فير حكم، فإنها تعقل في ذاتها، بدليل أنه قد يشك في وقوعها ولا وقوعها، ولا يكون الشك إلا بعد تصورها، فهذا كله تصور ساذج، فإذا وقع الحكم بالنسبة إثباتا أو نفيا، فالتصور المقيد بسالحكم تصديق، وهذا مبني على أن الحكم أي إيقاع النسبة أو اثتزاعها ليس من الادراك، بل فعلا من أفعال النفس، ولا يصح في هذا التقسيم مع هذا البناء أن يراد بالتصديق الحكم نفسه، أو مجموع التصور2 والحكم، والا لزم انقسام الشيء إلى نفسه وإلى غيره كما لا يخفى 1- ورد في ح: پنسسب.
ورد في ح: المتصور.
صفحة ١١٨
============================================================
القالون اما من جعل الحكم إدراكا، وهو أنه إذمان النفس وقبولها1 لوقوع النسبة2 او لا وقوعها، فالواجب أن يقال3. العلم إن كان إدراكا للنسبة الحكمية فتصديق، والا فتصور، ويصح على هذا أن يعتبر التصديق هو الحكم نفسه، والتصورات الثلاث شرط فيه، وأن يعتبر هو المجموع، ولا يصح أن يكون هو التصور المقرون بالحكم على ما في الأول، وإلا كان التقسيم غير حاصر، لخروج الحكم فافهم.
الفصل الثالث: (انقسام العلم إلى قديم وحادث والحادث إلى ضروري ونظري وتصوري وتصديقي) العلم إما قديم4 واما حادث، الأول علم الله تعالى، والصحيح أنه صفة وجودية قائمة بذاته تعالى، واحدة متعلقة بكل معلوم، موجود ومعدوم، قديمة بقدم ذاته، باقية ببقائها، مخالفة لعلمنا، كسائر صفاته6 تعالى، موجبة له تعالى كونه عالما.
والثاني علم الحادث، وينقسم سواء كان تصورا أو تصديقا إلى ضروري ونظري. وقد يقال ضروري وكسبي، أو بديهي وكسبي آما الضروري فيفسر بما يحصل للنفس بلا اختيار، ويقابله الكسبي، وهو العلم الحاصل عن كسب العبد استدلال أو غيره، كالتصفية 1- ورد في ج: بقبوها.
2 - النسبة عند الفلاسفة هي: إيقاع التعلق بين الشيئين، وهي أحد مفاهيم العقل الأساسية، وقد تكون نسبة توافق أو تشابه، أو ثائل أو تعلق. المعحم الفلسفي/2: 464.
3 ورد في ح: يقول.
4 - القديم في اللغة ما مضى على وجوده زمان طويل، ويطلق في الفلسفة العربية على الموحود الذي ليس لوحوده ابتداء ويرادفه الأول. المعحم الفلسفي/2: 189.
5 - هو ما يكون مسبوقا بالعدم، ويسمى حادثا زمانيا. المعحم الفلسفي/1: 433.
ك ورد في ج: صفته.
صفحة ١١٩
============================================================
القانون والرياضة، وبما يحصل بمجرد التفات العقل، ويقال له حأيضاب1 البديهي، ويقابله النظري، وهو ما يحصل عن نظرد فالكسب أعم من النظري. ومن يرى أن العلم لا يحصل إلا بالنظر لم يجعله أعم، ولو جعلنا النظري ما يتضمنه النظر، أي سواء أحتيج إليه أو لا، كان أعم من وجه، لدخول نحو الفطريات3 فيه، ولا مشاحة في الاصطلاح.
والدليل على انقسام العلم مطلقا إلى الضروري والنظري، ( الوجدان، قإنسا نشاهد بعض التصورات، كتصور الوجود والعدم1، وبعض التصديقات، كالتصديق بأن الأربعة زوج يحصل بغير استحصال، وبعض التصور، كتصور الروح والملك، وبعض التصديقات، كالتصديق بأن العالم حادث، غير حاصلة إلا باستحصال وأيضا لو لم يكن العلم البعض ضروريا ،لم يحصل شيء منها، إلا عن آخر متوقف إمسا على الأول او على آخر، وهكذا فيلزم الدور5 او التسلسل6.
وزعم قوم أن الكل ضروري، لأنه بقدرة الله ولا قدرة لنا فيه، وهو صحيح حقيقة، ومدخول بإهمال الاكتساب، ثم ذلك إما مع تسليم وجود النظر، فيكون النزاع في التسمية، أو مع منعه، فإن كان المراد أنه لا يتوقف على النظر عقلا بل عادة، وأنه ليس واقعا بالنظر ولا بقدرتنا، بل بقدرة الله تعالى فهو صحيح، وان آنيد آنه لا يتوقف عليه بوجه فهو مكابرة.
1- سقطت من ح.
2 ورد في ج: لمن نظر..
3- الفطريات قسم من المقدمات اليقينية، وهي قريية من الأوليات. المعحم الفلسفي)2: 151 4 ورد في ح: بعض الوحود والعدم.
5- الدور هو توقف الشيء على ما يتوقف عليه. التعريفات: 105.
6- التسلسل هو ترتيب آمور غير متناهية. نفسه: 57.
صفحة ١٢٠
============================================================
القانون- وذهب الإمام الفخر إلى أن التصورات كلها ضرورية1، بمعنى أن ما حصل منها حصل ضرورة، ويمتنع النظر فيه من وجهين: أحدهما الطلوب، وهو أنه إما معلوم، فممتتع طلبه لامتناع استحصال الحاصل، وإما مجهول، فيمتنع أيضا طلبه، لأن التوجه الى مسالم يحضر محال. واعترض بوجهين: أحدهما أن القسمة فير حاصرة، لجواز أن يكون معلوما من وجه دون وجه. الثاني آنه لو صح هذا الدليل، لزم مثله في التصديقات فلا تكتسب، وهو باطل اتفاقا.
فأجاب عن الأول: بأنه إن طلب من الوجه الذي علم كان ممتنما كالأول، أو من الوجه المجهول كان أيضا ممتنعا، وعن الثاني بأن التصديق يكون مسبوقا بالتصور العلوم، فلا يكون مجهولا على الاطلاق ثانيهما من جهة ما يمرف به، وهو آنه إن كان تفس الماهية2 امتثع وهو ظاهر، وان كان جميع أجزائها امتنع أيضا، لأنها هي، وإن كان جزءا منها امتنع، لأنه يعرف نفسه وهو محال، ويعرف غيره وهو خارج عنه، وسيتبين بطلانه، وان كان خارجا عنها امتنع، لأنه يتوقف على معرفة كونه خاصة شاملة، اي ثابتة لجميعها، منتفية عن كل ما عداها، والأول يتوقف على معرفتها لتعرف خواصها وهو دور، والثاني متوقف على معرفة كل ما عداها على التفصيل، ليعرف اثتفاؤها عنه وهو متعذر، فتعريف الماهية حينيذ ممتنع.
والجواب عن الأول، أثا تختار كونه معلوما من وجه مجهولا من وجسه، فيطلب ما جهل بمعونة ما علم، وذلك أن يعلم مثلا إجمالا فيطلب تفصيلا، أو يعلم عرضا فيطلب )- وهو ما نص عليه صاحب شرح المقاصد/1: 203.
2- الماهية لفظ منسوب إلى ما، والأصل المالية، وقلبت الهمزة هاء لغلا يشتبه بالمصدر المأحوذ من لفظ ماء والأظهر أنه نسبة إلى ما هو، حعلت الكلمتان ككلمة واحدة. والماهية عند أرسطو، هي مطلسب ما هر، كسؤالك: ما الخلاء؟ فمعناه بحسب الاسم، ما المراد بالخلاء. المعحم الفلسفي/2: 314.
صفحة ١٢١
============================================================
القانون ذاتا، مثلا إذا علمنا أن الملائكة عباد مكرمون لا يغصون اللسة ما أمرهم ويفعلون ما و يومرون}1 / امكننا أن نطلب حقيقتهم.
وعن الثاني أن الماهية تعرف بأجزائها، وهي الماهية بحسب الذات، ولذا كسان التعريف صحيحا، وهي غيرها بحسب الإجمال والتفصيل، ولذا كان مفيدا أو بالخارج، ولا يتوقف التعريف على معرفة اختصاصه، بل على اختصاصه في تفس الأمر، لينتقل الذهن به إليها، سلمنا ولكن لا يتوقف معرفة الاختصاص على تصورها بالكنه، بل مجرد الشعور، ولا على معرفة غيرها تفصيلا بل يكفي الإجمال، كما لو رأينا مثلا جزما2 في حيز أو عرفسا3 في محل، فاتا نعلم اختصاصه به بالشاهدة، وانتناؤه عما عداه عقلا4.
وذهب الجاحظ3 إلى أن ما لابد من معرفته، قبل معرفة ثبوت التكليف ضروري، كعلم وجود الله تعسالى وصفاته. ورد بان معرفة الله تعالى واجبة إجماعا، أما عندتا فبالشرع، وأما عندهم فبالعقل، ولو كانت ضرورية لم توصف بوجوب، ولم يتصور عليها تكليف.
- التحريم: 6.
3- الجرم كل شيء مادي، يكون موضوعا لادراك الجواس، يعني كل مجموعة من الصفات التى نتصورها قارة ومستقلة عنا، وتشغل حيزا، فالفقل والامتداد ذو الأبعاد الشلاث (الطول والعرض والعمق) هما صفتاه الأساسيتان. المعين/1: 570 ذ يقال عرض الشيء ظهر، وبدأ ولم يدم، وهو عند المتكلمين والفلاسفة يدل على ما لا يقوم بذاته، وهو الحال في موضوع.
9- كلام مقتبس مع بعض الاحتصار والتصرف من كتاب شرح المقاصد/1: 204-203.
ك هو عمرو بن بحر المعروف بالجاحظ البصري، العالم المشهور، له مقالة في أصول الدين، وإلي تتتسب فرقة الجاحظية من المعتزلة، من أحسن تصانيفه "الحيوان. وفيات الأعيان/3: 470.
صفحة ١٢٢