* 4 *
ويتلخص غرضي في نشر هذه السلسلة الفكرية من الفوائد الثقافية ما يلي:
1 - تزويد الشباب المسلم بثقافة إسلامية شاملة، تجعل منه مشاركا للمختصين في الدراسات الإسلامية بالمعلومات الضرورية منها أو المسائل الطريفة فيها.
2 - إطلاع الشباب المسلم على روائع الخلق الإسلامي الأصيل، حين كان الإسلام في صفائه وقوته يوجه المسلمين في حياتهم الخاصة والعامة إلى أن يكونوا أقرب إلى الكمال الإنساني من كل الأجيال التي تربيتهم المبادئ الدينية والفلسفية والخلقية الأخرى، وفي ذلك دعوة غير مباشرة إلى العودة لأخلاق الإسلام في عصوره الذهبية، فليس أجدى في التربية من أن نجعل شبابنا يعيشون في أجواء عظمائهم، لينشؤوا عظماء في أخلاقهم وسلوكهم وأهدافهم، ولينهضوا بعبء الرسالة الفكرية والخلقية والاجتماعية نحو حياة كريمة، وعيش رغد، ومستقبل سعيد.
3 - التوجيه الروحي النبيل من معدنه الصافي، لهذا الجيل من شبابنا المسلم، وهو الذي يعيش في بيئة ابتعدت كثيرا عن النبع النمير لنهرنا المتدفق، وفي ظل حضارة مادية ونظم مختلفة لا تحفل بالقيم الروحية والإنسانية كثيرا، مما جعل شبابنا يعيشون في خلق نفسي يعرضهم لكثير من الانحرافات في سلوكهم الاجتماعي، إذا لم تلقح أرواحهم نسمات من الجنة تنعش قلوبهم، وتحيي نفوسهم، وتصعد بأرواحهم نحو آفاق السمو والنبل والكمال.
4 - تقوية الشاباب المسلم في لغته العربية مادة وأسلوبا، بحيث يستطيع فهم كتاب الله وتذوق بلاغته واحتذاء أسلوبه، عسى أن تعود للبيان العربي اليوم جزالته وسلامته وعذوبته، كما كان في الصدر الأول، وعسى أن يعود تأثير القرآن في نفس قارئه المسلم كما كان له في نفوس المسلمين الأوائل، فصنع منهم المعجزات، وأنبت بهم الجنات، وسطر بهم روائع المكرمات.
وقد تصاعدت الشكوى من جهل أبنائنا المثقفين بلغتهم جهلا معيبا، لا يستطيعون معه فهم بيت من الشعر العربي القديم، أو قطعة من الأدب ((الجاحظي)) أو ((المقفعي)) البديع، بله آية من كتاب الله، وهو كتاب العربية الأكبر، وسفر الإنسانية الخالد.
ويقيني أن تغيير النفس المشسلمة والعربية المعاصرة، وتخليصها من العيوب النفسية والخلقية والفكرية لن يتم إلا بأن تعود إلى التأثر ببلاغة القرآن الكريم وأسلوبه. فكل تقوية للغة العربية الفصحى في أساليبها البليغة، هو تمهيد لصنع المعجزة الإنسانية مرة أخرى بالقرآن ورسوله العظيم.
5 - الترويح عن النفس ببعض الملح المستظرفة، مما يشبه الهزل وليس بالهزل، فالنفس تمل من الجد في التفكير، كما يمل الجسم من الجد في العمل، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((روحوا القلوب ساعة فساعة)) (¬1). وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: إني لأجم فؤادي ببعض الباطل (أي اللهو الجائز) لأنشط للحق، وقال علي كرم الله وجهه: أجموا هذه القلوب (أريحوها) والتمسوا لها طرف الحكمة، فإنها تمل (تكل) كما تمل الأبدان، والنفس مؤثرة للهوى، آخذة بالهويني، جانحة إلى اللهو، أمارة بالسوء، مستوطنة للعجز، طالبة للراحة، نافرة عن العمل، فإن أكرهتها أنضيتها (أتعبتها وأبليتها) وإن أهملتها أرديتها.
صفحة ٩