للموجد ، إلا في إعطاء الوجود ، وثبت : أن الوجود قضية واحدة في جميع الممكنات ، ولا تفاوت بينهما البتة في هذا المفهوم : لزم أن يكون القادر على إيجاد بعض الممكنات ، قادر على إيجاد كلها. ضرورة أن القادر على الشيء قادر على مثله.
الوجه الثالث في بيان أن العبد لو قدر على إيجاد بعض الممكنات ، لقدر على إيجاد كلها : أن نقول : مذهب مشايخ المعتزلة : أن المعدوم شيء ، وأن القادر لا تأثير له إلا في إعطاء الوجود. وثبت : أن الوجود مفهوم داخل في الكل ، وثبت : أن القادر على الشيء قادر على مثله : لزم أن يكون القادر على إيجاد بعض الممكنات قادرا على إيجاد كلها.
وأما بيان أنه يمتنع كون العبد قادرا على إيجاد كل الممكنات. فمن وجوه :
الأول : إن الخصم مساعد عليه .
والثاني : وهو إنا نعلم بالضرورة : أنا الآن عاجزون عن خلق الأجسام. فلو قدرنا على إيجاد بعض الممكنات لوجب أن نقدر على إيجاد الأجسام. لأن القدرة على الشيء ، مع العجز عن إيجاد مثله : محال.
والثالث : وهو أنه يلزم أن نقدر على خلق القدرة والحياة لأنفسنا. وذلك محال. لأن الخلق لا يصدر إلا عن الحي القادر. ولما كان حيا ، كان قادرا ، فامتنع خلق الحياة والقدرة فيه مرة أخرى ، لامتناع اجتماع المثلين. فثبت بما ذكرنا : أن العبد لو قدر على إيجاد بعض الممكنات ، لقدر على إيجاد كلها ، وثبت : أنه لا يقدر على إيجاد كلها. فثبت : أنه لا يقدر على إيجاد شيء منها.
وهو المطلوب
* البرهان السابع
الخصوم وافقونا على أن العبد لا يقدر على إيجاد أفعاله بعد عدمها. فنقول : لو كان قادرا على الإيجاد ، لكان قادرا على الإعادة. لأن الحاصل عند الإعادة : عين ما كان حاصلا عند الابتداء. وماهية الشيء لا تختلف باختلاف الأوقات. فلو كانت قدرة العبد صالحة لتكوين ذلك الشيء وقت الابتداء ، لكانت صالحة لتكوينه في وقت الإعادة. لكنا توافقنا على أن قدرة العبد غير صالحة للإعادة ، فوجب أن لا تكون صالحة للابتداء.
فإن قيل : لا نسلم أن إعادة المعدوم جائزة في الجملة. سواء كان ذلك في حق الله تعالى ، أو في حق العبد. وبيانه : أن الذي عدم فقد فني ولم يبق منه لا ذاته ولا حكم من أحكامه. فإذا حصل بعد ذلك شيء آخر ، فهو مغاير للأول ، وامتنع أن يكون عين ذلك الذي عدم. سلمنا : أن الإعادة في الجملة جائزة. لكن لم قلتم : إن القادر على الابتداء ، يجب أن يكون قادرا على الإعادة؟ وتقريره : إن الابتداء يمتاز عن الإعادة بأمر من الأمور. فلم لا يجوز أن يقال : إن ما به
صفحة ٩٠