الله نفسا إلا وسعها ) (1) ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) (2) ( ويضع عنهم إصرهم ، والأغلال التي كانت عليهم ) (3) ( ولا يريد بكم العسر ) (4) ولو كان العلم بالعدم ، مانعا من ذلك الفعل ، لكانت التكاليف بأسرها : تكليفا بما لا يطاق فثبت بمجموع هذه الوجوه العقلية : أن العلم بالعدم ، لا يمنع من الفعل.
** وأما الوجوه السمعية فستة :
الأول : إن القرآن مملوء من الآيات الدالة على أنه لا مانع لأحد من الإيمان. قال تعالى : ( وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ) (5)؟ وهو إنكار بلفظ الاستفهام ومعلوم أنه لو كان علم الله بعدم الإيمان ، وإخباره عن عدم الإيمان : مانعا. لصار قوله : ( وما منع الناس أن يؤمنوا ): كذبا. وكذلك قوله : ( وما ذا عليهم لو آمنوا ) (6)؟ وقوله لإبليس : ( ما منعك أن تسجد ) (7)؟ وقول موسى عليه السلام لأخيه : ( ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ) (8)؟ [وقوله : ( فما لهم لا يؤمنون ) (9) ]؟ ( فما لهم عن التذكرة معرضين ) (10)؟ ( عفا الله عنك. لم أذنت لهم ) (11)؟ ( لم تحرم ما أحل الله لك ) (12)؟ وهذا باب فيه إطناب. والقدر الذي ذكرناه : كافي.
الثاني : إنه تعالى قال : ( رسلا مبشرين ومنذرين. لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) (13) وقال : ( ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله. لقالوا : ربنا لو لا أرسلت إلينا رسولا. فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى ) (14) بين تعالى أنه ما أبقى لهم عذرا ، إلا وقد أزاله عنهم. ولو كان علمه بكفرهم ، وخبره عن كفرهم : بيانا لهم عن الإيمان ، لكان ذلك من أعظم الأعذار ، وأقوى الوجوه الدافعة للعقاب عنهم. ولما لم يكن كذلك علمنا : أن العلم بعدم الإيمان ، لا يمنع من الإيمان.
صفحة ٦١